البحرين: الإضطهاد والتمييز ممنهج و مطالب الشعب في تحقيق المساواة والعدالة حق

بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية

البحرين: الإضطهاد والتمييز ممنهج و مطالب الشعب في تحقيق المساواة والعدالة حق

 

يحتفل العالم اليوم 20 فبراير باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة والستين بتاريخ 26 فبراير 2007 والتي تؤكد على حق الشعوب في الإنصاف والمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص والحق في المشاركة السياسية. مما يؤسف له ونحن في الألفية الثالثة هناك العديد من الشعوب و الأوطان لازالت محرومة من العدالة الإجتماعية و الحقوق الإنسانية البديهية. من هذه الدول هي البحرين حيث لازالت الطبقية وعدم المساواة والاستئثار بالسلطة والثروة قائماً ولازال هناك التمييز في حقوق المواطنة و الخدمات العامة والوظائف والمناصب الإدارية والبعثات الدراسية والتهميش ضد المكونات الإجتماعية وبالخصوص المواطنين الشيعة في البلاد وايضاً ضد الأفراد والأسر التي لا تنتمي للقبائل المقربة من الأسرة الحاكمة في البحرين ويمارس ضدهم سياسة الإقصاء والطبقية، ومبدأ الولاء للملك ولأسرته هو المعيار الرئيسي للحصول على منصب في الوظائف العامة والعسكرية وحتى السلطة التنفيذية والقضائية حيث يتم تعيين القضاة وأعضاء النيابة العامة من قبل الملك على أساس الولاء.

التمييز وعدم المساواة في البحرين عقيدة ممنهجة لدى الحكم حيث غيابتقاسم عادل للثروة وإستئثار الملك واسرته على جميع السلطات والثروات الطبيعية للبلاد وكثير من ايرادات هذه الثروات لا تدخل في ميزانية الدولة. هنالك جزء كبير من مدخول انتاج النفط والغاز الطبيعي لا يخضع ضمن الدخل القومي وحتى الجزء الذي يخضع للرقابة بحيث لم يسمح لأعضاء السلطة التشريعية معرفة مصير ايرادات التصرف في الثروات الوطنية مثل بيع أملاك الدولة من الأراضي والسواحل والدفان وشفط الرمان و ريع الإستثمارات في المشاريع المختلفة الذي لا يدخل ضمن ميزانية الدولة! الى ذلك، فقد عمدت الدولة الى فصل ايرادات شركات وطنيه عن الميزانية العامةعلى أساس انها شركات مساهمة خاصة كي لا تخضع مداخيلها للرقابة والمسائلة وبالتالي لا تخضع ضمن ولاية البرلمان في المحاسبة! على سبيل المثال شركة المنيوم البحرين البا وهي أحد كبرى الشركات الصناعية في الشرق الأوسط ومن أكبر 10 مصاهر منتجة للألمنيوم في العالم تم تسجيلها كشركة مساهمة تملك شركة ممتلكات البحرين القابضة %69.38 وشركة سابك للاستثمار %20.62 والعامة %10.

شركة ممتلكات البحرين تأسست بموجب  مرسوم ملكي في 29 يونيو 2006وتم تأميم الشركات الوطنية وتسجيلها على أساس شركات مساهمة لا تخضع للمراقبة من قبل السلطة التشريعية ومن تلك الأصول الوطنية التي تم تأميمها بموجب هذا المرسوم الملكي شركة المنيوم البحرين (البا)، شركة طيران الخليج، شركة البحرين للاتصالات السلكية واللاسلكية (بتلكو)، بنك البحرين الوطني و شركة البحرين للاستثمار العقاري. علماً بانه يرأس شركة ممتلكات البحرين أحد افراد الاسرة الحاكمة ” خالد بن عبدالله آل خليفة ” كما ان “محمد بن عيسى ال خليفة” عضو مجلس الإدارة الشركة من الأسرة الحاكمة أيضاً.

ملك البحرين أصدر مرسوم بقانون رقم (24) لسنة 2001 يؤصل ملكيته الحصرية للأراضي وأملاك الدولة والثروات الوطنية ملكية مطلقة ويقوم بتوزيع الأراضي على شكل هبات على افراد اسرته وكبار المسؤولين في الدولة ومن يشاء وبدون ضوابط. فقد وهب ارض لرئيس المجلس الأعلى للقضاء “بالإنابة” السابق كما وهب أرض للنائب العام علي فضل البوعينين،وفي عام 2014 منح الملك قطعة أرض كبيرة جداً في منطقة البلاد القديم كهبة مجانية إلى نائب رئيس الوزراء وعضو الاسرة الحاكمة محمد بن مبارك ال خليفة  وتبلغ مساحتها 11 الف متر مربع  وتبلغ قيمتها السوقية أكثر من خمسة ملايين دينار (اكثر من 13 مليون دولار) في الوقت الذي تدعي وزارة الإسكان بوجود شح في الأراضي لبناء مشاريع اسكانية وينتظر المواطنونعشرات السنوات للحصول على وحدات سكنيه يتم بيعها عليهم بنظام التقسيط الطويل ويسجل في عقد التمليك في حال انتهى المواطن من دفع جميع أقساط الوحدة السكنية هبة من الملك ولا يحق لصاحب العقارالتصرف فيه إلا بعد مرورعدة سنوات!

الأسرة الحاكمة تسيطر على الحكومة بشكل منفرد ولا يحق للشعب انتخاب الحكومة و رئيس الوزراء الحالي “خليفة بن سلمان آل خليفة” لازال في منصبه منذ عام 1971! وطرح الثقة في الحكومة من قبل البرلمان يتطلب موافقة الملك وله الخيار الحصري بحل البرلمان او تغيير الحكومة! وليس من صلاحيات البرلمان توجيه سؤال دستوري او محاسبة رئيس الوزراء او ولي العهد كونه نائب لرئيس الوزراء، كما ان جميع الوزارات السيادية يترأسها افراد من اسرة الملك مثل وزارة الداخلية و الخارجية والمالية والنفط والعدل والشؤون الإسلامية وأربعة من نواب رئيس مجلس الوزراء والقائد العام لقوة دفاع البحرين ورئيس الحرس الوطني. كما أن ليس هنالك قضاء مستقل،وجميع أعضاء السلطة القضائية يعيينهم الملك على أساس الولاء للحكم وفي المقابل لا يستطيع المواطن تقديم شكوى ضد افراد الأسرة الحاكمة خصوصاً اذا كانون من الدرجة الأولى مثلما حصل للمواطنة ايمان الصالحي التي قتلت بدم بارد في الطريق العام. الى ذلك هناك العديد من افراد الاسرة الحاكمة متورطون بجرائم ضد المواطنين من بينها جرائم تعذيب موثقة بعضها في محاكم دولية.

صادق ملك البحرين في العام الماضي على تشريعات و أحكام بحل المؤسسات الدينية والحقوقية والسياسية المخالفة لتوجهات الحكم وتم العمل على تهميش المعارضة وإقصائها من المشاركة في الانتخابات البرلمانية والبلدية وحرمان أعضائها من الترشح لعضوية مجلس النواب. هذا وقد تم توجيه تهمة “التشويش على العملية الانتخابية” لعدد من النشطاء بهدف اعتقالهم، من بينهم “علي العشيري” البرلماني السابق وعضو جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المعارضة والتي تم حلها. الى جانب ذلك، شرعت السلطات في تنفيذ حملات منظمة للقضاء على المعارضة السياسية وعملت على اجراءات قمعية واسعة النطاق لاعتقال النشطاء الحقوقيين قبيل الانتخابات النيابية في العام الماضي بحيث لم يبقى زعيم سياسي او نائب سابق او عالم دين معارض او ناشط حقوقي دون أن يتم اعتقاله أو سجنه أواسقاط جنسيته وترحيله من البلاد.

لا يمكن للضحايا في البحرين او ذويهم الحصول على الانصاف والعدالة،فضحايا التعذيب والقتل خارج نطاق القانون التي حدثت قبل عام 2001 تم حمايتهم بقانون أصدره الملك وهو مرسوم 56 لسنة 2002 الذي منح الجلادين عفوا عام وحتى الجرائم التي اقترفها الجلادون بعد عام 2001 لم يحصل الضحايا على الانصاف ولم تتم محاسبة أي من المجرمين ولازال ذوي الضحايا يطالبون بالإنصاف والعدالة ومعرفة كيف قتل أبنائهم ومن قتلهم، وحتى الضحايا الذين تعرفوا على جلاديهم لم يتم محاسبتهم مثل تعذيب المواطن يونس سلطان والاعتداء الجنسي عليه من قبل المسؤول في جهاز الأمن الوطني طاهر العلوي، وجريمة التحرش الجنسي ضد ضحية التعذيب الحقوقية ابتسام الصائغ في مبنى جهاز الامن الوطني في منطقة المحرق.

الى ذلك فان سياسة التمييز والاضطهاد ممنهجة من قبل الدولة ضد المواطنين الشيعية في البلاد وكذلك جميع الذين شاركوا في الاحتجاجات الشعبية العارمة المطالبة بالإصلاحات السياسية عام 2011. في هذا الإطارهدمت السلطة اكثر من 38 مسجد للمواطنين الشيعية قبل ان تسمح بإعادة بناء معظمها بعد ضغوط دوليه، كما تم حل ومصادرة أموال اكبر مؤسسة دينية  للشيعية في البحرين وهو “المجلس العلمائي” واسقطت الجنسيات عن عدد من كبار علماء الدين برتبة آية الله مثل آية الله محمد سند و آية  الله الشيخ حسين نجاتي وتم نفيه من البلاد وتم اسقاط الجنسية عن اكبر مرجع ديني للمواطنين الشيعة في البلاد وهو آية الله الشيخ عيسى قاسم. كما تم معاقبة المعارضة بحل جمعياتهم السياسية ومصادرة أموالها مثل جمعية الوفاق الوطني الإسلامية وجمعية وعد وجمعية امل وتم كذلك اغلاق الصحيفة المستقلة الوحيدة وهي “الوسط.

لذا

تطالب منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الانسان السلطات في البحريناحترام الدعوة التي وجهتها الأمم المتحدة بخصوص “اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية” ودعم جهود المجتمع الدولي في مجال القضاء على كل أشكال التمييز والإقصاء والعمل بمبدء العدالة الاجتماعية والسياسية وحق الجميع في الحصول  على الانصاف والعدالة وإزالة الحواجز الطبقية في المجتمع وكل الأساليب التي من شأنها ان تشيع الظلم والإضطهاد. أيضاً، على السلطات البحرينية الشروع فوراً في حوار وطني شامل يفضي للمصالحة لتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا ومحاسبة الجناة و الافراج عن جميع معتقلي الرأي وتعويضهم و رد الاعتبار لهم، وحق الشعب في تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية للجميع.