بين المطالب والملاحقات: واقع التظاهر السلمي في البحرين خلال الربع الأول من عام 2025 (يناير-مارس)

أدت اشتداد ويلات الحرب في غزة والمنطقة وازدياد التوترات والصراعات الإقليمية، إلى جذب انتباه المجتمع الدولي وانشغاله إلى حد كبير فيها، مما أدى الى تهميش بعض التطورات والانتهاكات الحقوقية في العديد من دول المنطقة، خاصة مع صعود أصوات تندد بربرية هذه الحروب وتطالب بتوقفها. فمع تعرضها المحدود للتدقيق الحقوقي الدولي، استغلت الحكومات الفرصة لتكثيف حملات القمع ضد المواطنين والنشطاء. كما استفادت هذه الدول من بروز ضعف القانون الدولي وعجزه عن ردع أي عدوان أو نصرة اي مظلوم، خاصة بعد انكشاف حجم المآسي الإنسانية والانتهاكات الحقوقية المرتكبة.

كانت الحكومة البحرينية من أبرز المستفيدين من محدودية التدقيق الحقوقي وتحويل الأنظار بعيدًا عن سجلّها الداخلي في قمع الحريات. فلا تزال مظاهر الدولة البوليسية لديها حاضرة بوضوح، ولا تزال تستمر في الممارسات القمعية والانتهاكات الممنهجة لحقوق المواطنين، على الرغم من إفراجها عن ما يقارب 800 سجين سياسي خلال عام 2024، معظمهم قد اعتُقلوا بتهم تتعلق بالتظاهر السلمي والتعبير عن الرأي. 

منذ عام 2024، بات الحق في حرية التجمع السلمي مهددًا بشكل متزايد، حيث كثّفت الحكومة البحرينية من قيودها على التجمعات العامة، وفرضت حظرًا واسعًا على الاحتجاجات، مستخدمة مبررات أمنية لتبرير استخدام القوة ضد المتظاهرين، وتنفيذ حملات اعتقال تعسفي واحتجاز دون ضمانات المحاكمة العادلة، بالإضافة إلى الاستدعاءات الأمنية والملاحقات القضائية للنشطاء والمعارضين. أصبحت التجمعات السلمية، التي تُعد وسيلة حيوية للأفراد للتعبير عن مظالمهم والمطالبة بالمساءلة والدعوة إلى الإصلاح، تُصور بشكل متزايد على أنها تهديدات لاستقرار الدولة والنظام العام بدلاً من كونها ممارسات مشروعة للحقوق الديمقراطية والسياسية.

رغم كل القيود المفروضة على حرية الرأي والتجمع السلمي، لم يتردد المواطنون عن المشاركة في تحركات وتظاهرات سلمية تنوعت في طابعها بين السياسي والمعيشي والحقوقي والديني. فشهدت مختلف المناطق البحرينية خلال عام 2025 سلسلة من التحركات الشعبية،  امّا لذكرى السنوية لانطلاق احتجاجات الرابع عشر من فبراير، او للمطالبة بالإفراج عن السجناء السياسيين، أو للتعبير عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في غزة، أو قضايا أخرى سنفصلها لاحقاً في هذا التقرير.

يوثق هذا التقرير، عمل منظمة سلام في رصد التظاهرات التي حصلت في البحرين في الربع الأول من العام 2025، وما رافقها من استدعاءات واعتقالات ومحاكمات مرتبطة بها، من دون التطرق الى معظم أسماء الضحايا لحمايتهم. كما سيسلط الضوء على التزامات الحكومة بموجب القانون الدولي وتناقضه مع القانون المحلي مما يسهل عليها أن تفرض قيود على حق المواطنين بالتجمع السلمي.

تحميل / قراءة