تقرير: البحرين: عقدة الانتهاكات الموسمية لعاشوراء

إنّ لمناسبة عاشوراء في البحرين كل سنة نصيباً خاصّاً من الانتهاكات الحكومية التي تستهدف تعسفياً مظاهر إحياء المناسبة بشكل عام وتستهدف بعض المنظّمين والمشاركين في الفعاليات العاشورائية لاسيّما الشخصيات الدينية، في انتهاك صارخ للحريات الدينية وللحق في ممارسة الشعائر الدينية، التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ففي كل سنة توثّق المنظّمات الحقوقية البحرينية المستقلّة الاعتقالات والاستدعاءات التعسفية بحق عشرات المواطنين المشاركين في فعاليات الشعائر العاشورائية وإجراءات نزع المظاهر العاشورائية والتضييق على إقامة بعض الفعاليات مِن قِبَل أجهزة السلطات الرسمية في البحرين.

شهدت مناسبة عاشوراء لهذا العام 2025م 1447ه تصعيداً واضحاً في الاستهداف الرسمي لمناسبة عاشوراء مقارنةً بعدد الانتهاكات في السنوات الأخيرة التي سبقت. ففي هذا العام بدأت إجراءات نزع المظاهر العاشورائية قُبَيل بدء المناسبة بأربعة أيّام وتحديداً بتاريخ 23 يونيو/ حزيران 2025. وفي 25 يونيو حصل أوّل تصعيد خطير وذلك في منطقة الدراز، حيث عمدت الأجهزة الأمنية إلى الاعتداء على المظاهر العاشورائية التي كان قد شيّدها أهالي المنطقة تمهيداً لإحياء المناسبة، فأزالت اللافتات العاشورائية وقامت بتحطيم مجسّم فنّي على شكل مرقد مقدّس من مقامات أهل البيت (عليهم السلام) كان قد شيّده بعض الفنّانين خصّيصاً للمناسبة، ممّا دفع أهالي المنطقة إلى الاحتجاج عبر الخروج في مسيرة سلمية رفضاً للاعتداء على المظاهر العاشورائية، فقوبِلَت المسيرة بالقمع واستخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين مثل الضرب بالهراوات، فأصيب أحد المتظاهرين بكسر في الجمجمة. تلا ذلك البدء باستدعاء واعتقال المواطنين، حيث تمّ توثيق أول اعتقال بحق مواطن في 26 يونيو بموجب مذكرة استدعاء على خلفية مشاركته في التظاهرة. واستمرّت الانتهاكات خلال مناسبة عاشوراء بشكل تصاعدي حيث تمّ استدعاء واعتقال أكثر من ثلاثين مواطناً من بينهم علماء دين ومنشدين دينيين ورؤساء مآتم وأعضاء هيئات إدارية في مساجد، على خلفية خطاباتهم في مراسم عاشوراء وأشعار الأناشيد الدينية. كما اعتقلت السلطات مواطنين لأسباب مثل ارتداء عصابة رأس عليها شعار تضامني أو ارتداء قميص عليه صورة ضحية أو صورة رمز ديني، خلال مشاركتهم في المراسم العاشورائية. كما استمرّت الأجهزة الأمنية بالاعتداء على المظاهر العاشورائية في عدّة مناطق، ولم تكتفي بإزالة اللافتات العاشورائية من الأماكن والشوارع العامّة، وإنّما فرضت إزالة المظاهر العاشورائية حتى من بعض المنازل والأملاك الخاصّة، وفرضت وزارة الداخلية إلغاء فعاليتين عاشورائيتين إحداها عمل مسرحي يحاكي واقعة كربلاء، والأخرى برنامج لسلسلة فعاليات عزاء ولطم.

يعرض هذا التقرير تفاصيل الانتهاكات التي وثّقتها منظّمة سلام ومنتدى البحرين لهذه السنة بالتفاصيل والأسماء والتواريخ. وتهدف من خلال هذا التقرير الإضاءة على الانتهاكات بغاية إيصال واقع الحريات الدينية المتردّي في البحرين تحت إشراف السلطات الرسمية، من أجل الاستمرار في بذل الجهود اللازمة للوصول إلى وضع حد نهائي لمثل هذه الارتكابات.

إنّ استمرار هذه الانتهاكات بشكل موسمي يعكس عقدة الاضطهاد الطائفي، التي تعبر عنها الأجهزة الرسمية في كل سنة من خلال تكرار بعض أشكال الانتهاكات تجاه الحريات الدينية أو استحداث صور جديدة من التعديات؛ في ظل استمرار سياسة الإفلات من العقاب التي حصَّنت المسؤولين عن الانتهاكات عن المسائلة والملاحقة القضائية.

قراءة / تحميل