في البداية، أود التقدم بالشكر إلى مؤسسة سلام على إتاحتها الفرصة للمركز العماني لحقوق الإنسان بالتواجد ضمن الفعاليات الجانبية للدورة 38 من دورات مجلس حقوق الإنسان.
إبطال أو إسقاط الجنسية أصبح اليوم للأسف أمرا عاديا تمارسه السلطة في البحرين كسلاح لمحاربة وقمع وإقصاء كل معارض لسياساتها، حيث أنه وبحسب بعض المصادر الموثوقة؛ فإن السلطات البحرينية ومنذ 2011، جرّدت أكثر من 733 مواطنا بحرينيا من جنسياتهم! رغم أنهم مواطنون ولدوا في البحرين من آباء وأمهات بحرينيين. هذا الإجراء الغاشم شهد اضطرادا غير مسبوق بعد 2014 بعد أن قامت السلطات في البحرين بإجراء تعديلات على القانون الجنسية الصادر في 1963، بحيث يسمح للحكومة بإبطال جنسية أي مواطن يتم تفسير أنشطته على أنها ضد الأمن العام أو تضر مصالح المملكة، ليشهد عام 2018 وحده 227 حالة إسقاط جنسية!
ورغم أنّ هذه الإجراءات مخالفة للقوانين الدولية ومخالفة لميثاق الأمم المتحدة لقانون الإنسان وكذلك الميثاق العربي لحقوق الإنسان، ورغم أن المنظمات الدولية الحقوقية وحتى السياسية مثل العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش وكذلك البرلمان الأوروبي أدانوا هذه التصرفات التي اعتبروها وسيلة لمحاربة المعارضين في البحرين، إلا أن البحرين كنظام سياسي، لازالت تتمتع بعلاقات وطيدة وأكثر من جيدة مع الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إلى جانب علاقاتها المتينة مع الدول العربية عامة والخليجية خاصة التي تمارس الغطاء السياسي على هكذا نوع من الجرائم.
كما أن إبطال أو إسقاط الجنسية لا يترتب عليه فقط حرمان المواطن من جنسيته، بل كذلك هناك أضرار جانبية على مستويات عدة مثل الاجتماعي والنفسي والاقتصادي. هذه الأضرار لا تطال المتضرر المباشر فقط بل كذلك أفراد عائلته، خاصة إذا ما كان المواطن لديه أطفال أصغر من السن القانوني مما يترتب عليه حرمان هؤلاء الأطفال من جناسيهم أيضا. كما أن فاقد الجنسية يفقد العديد من المميزات على المستوى المدني، مثل أن يفقد أي عقار يملكه بالتالي يرغم على بيعه كرها، وفقده لعمله إن كان يشغل وظيفة حكومية أو غير حكومية، وفقده لراتب التقاعد إذا كان يتقاضى راتبا بالإضافة إلى المشاكل التلقائية المترتبة على حركته عبر الحدود الدولية.
هناك جانب آخر مهم جدا، وهو ما يمكن أن أسميه بإسقاط الجنسية الغير “رسمي”، وهو يتمثل في سحب وثائق المواطن الشخصية منه، وتقييد حركته ومنعه من العمل بالإضافة إلى المشاكل المصاحبة التي قد يواجهها هذا الشخص مثل عدم قدرته على إتمام أو إنجاز معاملته في الحياة اليومية لافتقاده هذه الوثائق. وهي حالة أصبحت اليوم نوعا ما عامة في دول الخليج بصورة عامة، ففي عُمان على سبيل المثال، هناك بعض الحالات التي لا زالت ومنذ سنوات بلا جواز سفر وممنوعة من التنقل خارج عمان حتى داخل دول الخليج العربي التي يتطلب التنقل فيها إلى بطاقة شخصية فقط. ورغم عدم توفر أرقام محددة في البحرين أو الخليج بصورة عامة، إلا أنّ السلطات تمارس طريقة التخضيع والتركيع إن صح الوصف، وذلك عبر إرغام الأفراد المسحوبة مستنداتهم إلى التراجع عن أنشطتهم وأفكارهم وإظهار الولاء التام للحكومة مع الاعتذار عن أي نشاط سابق.
المركز العماني لحقوق الإنسان، يشارك نظرائه من منظمات وجمعيات ومؤسسات حقوق الإنسان بمختلف صفاتها، إلى الدعوة لبعض التوصيات لحكومة البحرين وكذلك للمجتمع الدولي والحقوقي، من أجل إنهاء وإيقاف حالات إبطال الجنسية، هذه التوصيات هي:
التوصيات لحكومة البحرين:
1– إلغاء مراسيم و قرارات إسقاط الجنسية والالتزامبالشرعة الدولية والاتفاقيات الأممية في تنظيم حق الجنسية.
2- إلغاء مرسوم بقانون رقم 36 لسنة 2015 وقرار 89 لسنة 2016 والتعديل المُقر بقانون رقم 21 لسنة 2014.
3- موائمة القوانين والتشريعات بشأن الجنسية مع الشرعة الدولية والاتفاقيات الأممية.
4- رد الاعتبار لجميع من اسقطت جنسياتهم واسترجاع حقوقهم المدنية والمالية وتعويض المتضررين منهم بأثر رجعي ومنذ تاريخ اسقاط جنسياتهم .
التوصيات للمجتمع الدولي والحقوقي:
1- حث حكومة البحرين على الالتزام بموائمة تشريعاتها وقوانينها مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
2- الطلب من حكومة البحرين برد جنسيات المواطنين الذين أسقطت جنسياتهم وعدم استخدام مثل هذه الإجراءات كعقوبة او استهداف المعارضين.
3- حث حكومة البحرين بعدم حرمان الأطفال من حق الجنسية وتصحيح أوضاع من حرموا منها سريعاً.
4- حث حكومة البحرين لإلغاء عقوبة إسقاط الجنسية سواء بمراسيم أو بأحكام قضائية.