بيان بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب
البحرين: التعذيب ممنهج وجبر ضرر الضحايا بالإنتصاف واجب على الدولة
في اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، يعيد العالم في 26 حزيران/ يونيو من كل عام، التأكيد على إدانة التعذيب كجريمة تترك في أسبابها، أنماطها، وأساليبها أثرًا قاسيًا على الإنسان لا يمكن تبريره في أية ظروف. ففي البحرين يمرّ هذا اليوم، ولا يزال التعذيب الممنهج مستمر مع محاولات السلطات البحرينية تغييب حقيقة ما تعرّضَ ويتعرّض له المعتقلين على خلفية سياسية في السجون، ومراكز الاحتجاز، وتبرير تجاوزات الأجهزة الأمنية والنيابة العامة التي ارتكبت أفظع الجرائم والتعذيب أثناء التحقيق والاستجواب لمعتقلي الرأي والسياسيين من النساء والرجال والأطفال والكبار، مع تستّر وصمت القضاء عن جرائم التعذيب.
إن الجرائم الممنهجة والمقصودة بحق البشرية ومنها التعذيب هي جرائم لا تسقط بالتقادم، وجبر الضرر بالانتصاف للضحايا واجب على الدولة مهما طال الزمن، ومرتكبي جرائم التعذيب لا تحميهم مراسيم أو قوانين مهما كانت قوتها ومصدرها، والتجاوزات الجسيمة لحق الإنسان في عدم تعرضه للتعذيب والذي لا يمكن لأي سياق شرعي أن يبرره، لاقت إطارها القانوني في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي أُقرت في العام 1984 ودخلت حيز التنفيذ في 26 حزيران/ يونيو 1987. ومملكة البحرين في توقيعها على بنود الاتفاقية بموجب المرسوم بقانون رقم (4) لسنة 1998،دون التصديق على البروتوكول الاختياري للاتفاقية، التزمت باتخاذ إجراءات تشريعية وقضائية وإدارية لمنع جريمة التعذيب، وألقت على عاتقها في المادة 14 ضمان حصول الضحية على الإنصاف والتعويض العادل .
وقد أكدت مملكة البحرين في تصديقها على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بموجب القانون رقم 56 لسنة 2006، على التزامها مرة أخرى بمنع إخضاع أحد للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة الإنسانية، وذلك بحسب ما نصّت عليه المادة السابعة منه.
عشرات من التقارير المحلية والاممية بما فيها الشكاوى المرفوعة للإجراءات الخاصة وثّقت أمثلة عديدة مماثلة لحالة السجناء السياسيين أهمهم الحقوقيين البارزين عبد الهادي الخواجة، ناجي فتيل، وعبد الجليل السنكيس، والناشطين الحقوقيين مثل ابتسام الصائغ، وأظهرت معاناة ضحايا التعذيب من المعتقلين والسجناء السياسيين في سجن جوّ المركزي، ومبنى الإدارة العامة للتحقيقات والمباحث الجنائية، والمجمَّع الأمني في مدينة المحرق و غيره من مراكز الاحتجاز، وأكدت على الانتهاكات الجسيمة التي تتسبب بها الأجهزة الأمنية أثناء الاحتجاز، والتحقيق. فقد عانى المعتقلون في البحرين من التعذيب الممنهج والمعاملة القاسية والمهينة لضباط الأمن في الداخلية و جهاز الأمن الوطني، والتي اختلفت أساليبها بين المعاملة السيئة، الضرب، الإعتداء الجنسي، الإهمال الطبي، المنع من العلاج… وفي السياق علّق المستشار القانوني لمنظمة سلام ( إبراهيم سرحان): ” أن آلام التعذيب لازالت تلاحقني نفسيا ومشاهد التعذيب في غرف الموت لا تغيب عن مخيلتي، لم تكسر إرادتي ولم أتخلى عن نشاطي الحقوقي بل إزدادت عزيمتي لمناهضة التعذيب والدفاع عن الضحايا من أجل مستقبل يشعر فيه الإنسان بكامل إنسانيته وكرامته.”
سنوات من التعذيب والنظام البحريني يعجز عن التعويض وتوفير الإنصاف لعشرات ضحايا التعذيب وعوائلهم بالتغاضي عن مزاعم التعذيب واحجامها، و تبرئة العديد من مرتكبي، وإصدار أحكام مخففة بحق قلة أدينوا بما يتعارض مع خطورة جرائمهم.
لذا فإن كانت حكومة البحرين جادة في الإصلاح الحقوقي الشامل، وجب عليها إنصاف وتعويض ضحايا التعذيب عبر اتباع نظام محدد من الإجراءات والمراحل، على النحو المنصوص عليه في التعليق العام رقم 3 للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب بشأن تنفيذ المادة 14 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. فبموجبه، و في اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، نحث السلطات البحرينية باعتماد خارطة طريق، تُوجَز ب :
أولاً: رد الحقوق وسعي لإعادة الضحية إلى وضعها السابق للانتهاك مع مراعاة الظروف المحددة لكل حالة. ويتطلب ذلك معالجة الأسباب الهيكلية، أي معالجة عواقب التعذيب مثل التمييز والاضطهاد الطائفي واتخاذ خطوات لعكس آثاره.
ثانياً: التعويض المالي والغير مالي المناسب لتغطية الأضرار، بما في ذلك النفقات الطبية، وفقدان الدخل، والفرص. كما ينبغي أن يشتمل التعويض على المساعدة القانونية والتكاليف الأخرى المتعلقة بالتماس الإنصاف.
ثالثاً: إعادة تأهيل شاملة وتأمين خدمات الطبية والنفسية والقانونية والاجتماعية، لتمكين دمج الضحية ومشاركتها في المجتمع وبذل الجهود لمعالجة الآثار السلبية للتعذيب وتقديم دعم طويل الأمد.
رابعاً: الترضية والحق في معرفة الحقيقة عبر التحقيق في حوادث التعذيب والكشف عن الحقيقة، وإعادة الكرامة والحقوق، وفرض عقوبات على الجناة ومحاسبتهم، وتقديم الاعتذار العلني، وإحياء ذكرى الضحايا.
خامساً: اتخاذ تدابير وقائية لمكافحة الإفلات من العقاب وضمان عدم تكرار التعذيب. والالتزام بالمعايير الدولية للإجراءات القانونية الواجبة، وتدريب مسؤولي إنفاذ القانون، وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وتفعيل المراقبة المستقلة لمرافق الاحتجاز، وإجراء إصلاحات قانونية.
سادساً: التصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي أُقرت في العام 1984.
منظمة سلام للديموقراطية وحقوق الانسان