اعتقلت السلطات الأمنية رجل الدين الشيعي الشيخ عيسى المؤمن، بعد إحضارية تلقاها من مركز شرطة سماهيج تطلب منه الحضور حالاً للمركز، صباح السبت 6 أغسطس/آب 2016.
وبعد وصوله إلى مركز الشرطة رفضت السلطات السماح لمحاميه بالوصول إليه، وتعرض خلالها المؤمن للتحقيق، حيث قررت الشرطة توقيفه لعرضه على النيابة في اليوم التالي، ولم تستطع عائلته معرفة التهم الموجهة إليه إلا في اليوم التالي، من خلال بيان أصدرته النيابة العامة بعد التحقيق معه، ومن خلال المحامي.
في اليوم التالي (الأحد 7 أغسطس/آب 2016) تم نقل المؤمن لمبنى النيابة، وبعد انتظار دام حوالي 8 ساعات، شرعت النيابة بالتحقيق معه بحضور محاميه، حيث واجهته بخطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الخيف بقرية الدير في محافظة المحرق، واتهمته بالتحريض على كراهية النظام الدستوري وأمرت بحبسه أسبوعاً على ذمة التحقيق.
بعد التحقيق بساعة تقريباً، اتصل الشيخ عيسى المؤمن بعائلته وأبلغها بأن السلطات أنهت إجراءات نقله لسجن الحوض الجاف بالحد، لوضعه في الحبس الاحتياطي، حيث لم تسمح له السلطات بعدها بالاتصال بعائلته إلا بعد مرور 3 أيام.
وأفادت عائلته إنها تلقت اتصالا هاتفياً منه الأربعاء 10 أغسطس/آب 2016، أبلغهم فيه أنه بخير وبصحة جيدة.
تقدم محامي المؤمن بطلب للنيابة العامة (الثلثاء 9 أغسطس/آب 2016) لإخلاء سبيله لأسباب طبية، بعد تقديمه تقريراً عن إصابته بمرض الديسك في الرقبة والظهر، إلا أن النيابة لم تجب على الطلب حتى (الخميس 11 أغسطس/آب 2016).
وفي يوم الخميس 11 أغسطس/آب تبلغ محامو المؤمن قرار النيابة إحالة القضية للمحاكمة، حيث تحدد تاريخ 17 أغسطس/آب موعداً لأولى جلسات المحاكمة.
الأربعاء 10 أغسطس/آب قالت الحقوقية البحرينية فاطمة الحلواجي إنها زارت والدها المعتقل في سجن الحوض الجاف، والذي أبلغها أن الشيخ المؤمن يتواجد معهم في نفس العنبر (عنبر رقم 1)، إلا أن شرطة السجن منعت الحلواجي من التحدث إلى الشيخ المؤمن، وهو ما يثير مخاوف من وضع المؤمن في عزلة عن باقي السجناء.
معلومات إضافية:
عيسى المؤمن رجل دين شيعي، من مواليد عام 1957، وهو من سكان قرية الدير في محافظة المحرق، وهي قرية شيعية محاذية للمطار الدولي.
المؤمن كان قد غادر البحرين في العام 1984 لتلقي العلوم الدينية في إيران، وقد وضع هو وعائلته (زوجته وأبنائه) على قائمة الممنوعين من دخول البحرين، ولم يسمح لهم بالعودة إلى وطنهم حتى العام 2011 (كانت لهم محاولات سابقة لكن سلطات المطار منعتهم من الدخول)، حيث عاد هو وزوجته وأبنائه الخمسة إلى البحرين، بعد عفو أميري عام.
بعد عودته إلى البحرين، انضم المؤمن إلى جمعية التوعية، وهي جمعية دينية شيعية (تم حلها في يوينو/حزيران 2016)، كما كان أحد أعضاء مجلس إدارة «المجلس الإسلامي العلمائي» وهو أعلى هيئة دينية للطائفة الشيعية في البحرين، وتم حله عام 2014.
نص الخطبة التي ألقاها في 5 أغسطس/آب والتي اعتقل بسببها:
أتحدث في نقطتين إن شاء الله
في الآونة الاخيرة وبالتحديد خلال 40 يوم تقريباً، ازدادت وتيرة التصعيد من قبل السلطة بحق المواطنين، وكان كل يوم يمر يزداد فيه قمع السلطة بحق الشعب بشكل عام، وبحق أتباع أهل البيت بشكل خاص.
وتُمعن السلطة أكثر في اضطهاد هذا الشعب والتنكيل به، ويرتفع تبعاً لذلك عدد السجناء والموقوفين بشكل كبير، بحيث تضيق بهم السجون مما يضطر السلطة إلى بناء واستحداث سجون ومعتقلات جديدة.
فما الذي تهدف إليه السلطة من هذا التصعيد؟
فيما نحسب أن أهداف السلطة من هذا التصعيد تنفذ في الآتي:
أولا: زرع الخوف والرعب في نفوس المواطنين كي لا يُحَدّث أحدهم نفسه بمعارضة السلطة في سياساتها أو انتقادها في عملها، أو بيان مظاهر الفساد الذي بات ينخر أجهزتها ومؤسساتها.
ثانيا: إهانة المواطنين وإذلالهم، وقتل روح العزة والكرامة التي تبلغ نفوسهم، وتحطيم الشعور بالأنَفة والإباء الذي يميّز شخصيته.
ثالثاً: إخضاع الشعب وتركيعه، ليكون عبدا مطيعا للسلطة في كل إجراءاتها، ينفذ ما تريد منه، ويفعل ما تمليه عليه من قرارات جائرة، ويقبل ما تقوم به من أفعال ظالمة.
رابعاً: إيقاف الحراك الشعبي والقضاء نهائيا على الحركة المطلبية وإخماد أي صوت يرتفع منادياً بالحقوق الوطنية المشروعة.
فهل نجحت السلطة في ذلك وحققت هذه الأهداف؟
بالطبع أن الجواب لا، بالطبع وبشكل واضح وبدون نقاش أن الجواب بالنفي، لم تحقق شيئا من هذه الأهداف.
فبالرغم من هذه القسوة التي تعاملت بها السلطة مع الشعب، وبالرغم من حجم الانتهاكات التي تمارسها بحق المواطنين، وبالرغم من شدة القمع والاضطهاد الذي تتعامل به مع أبناء الوطن الشرفاء، وبالرغم من سقوط العشرات من أبناء الشعب بين شهيد وجريح، وزج الآلاف منهم في السجون، إلا أن الشعب ما زال شامخاً بأنفه، يحمل روح العزة والإباء والكبرياء أمام غطرسة السلطة وقمعها، وما زال صوته هادراً في المطالبة بحقوقه دون أن تخنقه الحملات الظالمة لتكميم الأفواه، وما زال حراكه مستمراً ليل نهار، لا يثنيه قمع ولا إرهاب، وما زال الشعب مستعداً – اليوم وغدا وبعد غد – لتقديم أكبر التضحيات ودفع أغلى الأثمان، في سبيل نيل حريته وكرامته والحصول على حقوقه المشروعه، وها هو اليوم يقدم شهيدا آخر من خيرة أبناءه، وشابا بطلا من أفضل شبابه، على مذبح العزة والكرامة، لينضم إلى قافلة الشهداء الطويلة، التي روّت بدمائها الزاكية شجرة الحرية، وعَبّدت طريق الكرامة في أرض أوال نداء واستجابة للدين والوطن.
النقطة الأخرى:
اعتقال رئيس المجلس الإسلامي العلمائي سماحة السيد مجيد المشعل حفظه الله وفرج عنه
أقدمت السلطات مؤخراً على اعتقال رئيس أكبر هيئة علمائية شيعية في البلد، وهو سماحة السيد مجيد المشعل، وهذا يدل دلالة واضحة، ويرسخ القناعة لدى المواطنين، بنهج الاضطهاد الطائفي الذي تتبعه السلطة، وهو اضطهاد آخر يضاف إلى سجل الاضطهاد الطائفي الذي تمارسه والذي مارسته عبر هذه سنين.
وأود هنا أيها الأخوة أن أتحدث قليلاً عن هذا السيد الجليل بشكل مختصر إن شاء الله.
عاشرت السيد سنوات طويلة منذ أيام الدراسة في حوزة قم المقدسة وبعد رجوعنا للبحرين، وتعرّفت عليه عن قرب، فوجدت فيه مثالا للرجل المؤمن المتقي الورع، الذي كان قويا في إيمانه شديدا في ورعه، مُتَحَرّجا في دينه عظيما في تقواه، وكان إلى جانب ذلك مجدا في عمله، دؤوبا في نشاطه، سواء العلمي أو الاجتماعي أو الثقافي أو التبليغي.
ففي المجال العلمي والدراسة الحوزوية كان هذا السيد فاضلاً من الفضلاء، الذي وصل إلى مستويات عالية من الدراسة في الحوزة.
أما في المجال الثقافي فأعتقد أن نشاطه الثقافي البارز لا يخفى على أحد من أبناء هذا الوطن.
وفي مجال الإرشاد والتبليغ، فقد مارس سماحة السيد عمله التبليغي أيام الدراسة في قم بشكل كبير وواسع، وكان يذهب إلى المناطق المختلفة في إيران ليمارس دور التبليغ والإرشاد، بل سافر حتى خارج إيران لأجل ذلك، ليقوم بعمل الإرشاد والتبليغ، ولما رجع إلى البحرين كثّف من عمله التبليغي من خلال المسجد كإمام للجماعة، وما كان يلقيه من كلمات إرشادية أثناء أو بعد الصلاة، وكذلك بمشاركته في كثير من الأنشطة الثقافية، كالمنتديات والمحاضرات والمناسبات الإسلامية وغيرها.
ولما أصبح زئيسا للمجلس الإسلامي العلمائي، وكنت حينها معه في الإدارة لعدة سنوات، رأيت منه الاندفاع الشديد للعمل وخدمة الدين، دون كلل أو ملل، ويشهد الله أني رأيت فيه عنفوانا ونشاطا ومبادرة وإخلاصا وتوجيها قلّ نظيره، هذا إضافة إلى ما كان يتمتع به سماحة السيد من سمو أخلاقي ورحابة صدر وتقبل لآراء الآخرين.
ولابد لنا أن نذكر صفة من الصفات المهمة لهذا السيد الجليل وهي شدة خوفه من الله تعالى، والتي كان من آثارها وثمارها، أن يصبح الإنسان أقوى وأشجع ما يمكن، لأنه كما ورد في الحديث «من خاف الله أخاف الله منه كل شيء»، الذي أكسبه جرأة وشجاعة جعلته يقف دون خوف أو وجل أمام الأخطار ويواجه التحديات بقلب ثابت وعزم لا يلين وإرادة لا تنكسر، وقد رآه الجميع وهو يتحدث بكل شجاعة وبطولة أمام الجموع المحتشدة أمام بيت الشيخ القائد حفظه الله (سماحة الشيخ عيسى)، يتحدث غير مبالي بما سيجر ذلك عليه من تبعات وما يكلفه من أثمان، وبقي هناك صامدا ثابتا لم يبرح مكاناً، إخواني إذا كان الآخرون يذهبون يوم ويعودون، فالسيد بقي هناك قرابة 30 يوم بشكل مستمر، تعلمون أن خلفه عائله وأطفال ومسؤوليات أخرى، لكن أبى إلا أن يبقى هناك بجانب سماحة الأب القائد، مدافعا عنه منافحا عنه، لكي يُعلن للعالم كله ظلامة هذا الشعب، ولكي يبث حينئذ روح الشجاعة والجرأة والإقدام في نفوس أبناء الشعب.
لقد رآه الجميع وهو يتحدث بكل شجاعة وبطولة أمام الجموع المحتشدة في الاعتصام أمام بيت الشيخ القائد حفظه الله غير مبال بما سيجر عليه ذلك من تبعات ويكلفه من أثمان، وبقي هناك صامدا لم يبرح مكانه على مدى شهر كامل، حتى تم مداهمة منزله من قبل قوات الأمن، وأقدمت حينئذ السلطة على اعتقاله من وسط بيته، ظانّة أنها ستخنق صوت الحرية وستسكت صوت الحق الهادر، ولكن ظنها هذا خاطئ بلا شك فإن بعد المشعل، سيظهر ألف مشعل، وبعد غياب السيد مجيد حفظه الله عن الساحة سيظهر رجال بأمثال السيد مجيد، فالساحة لا تخلو من العاملين ومن المجاهدين، لأن هذا الوطن ولود، مُنجب للأبطال، مُنجب للعظام، ولا يمكن أن يبخل يوم من الأيام على هذا الوطن وعلى أهل هذا الوطن.
ونحن إذ نستنكر هذا العمل من قبل السلطة وندينه بشدة، نطالب بالإفراج عن سماحة السيد مجيد وعن جميع المعتقلين المظلومين، الذين هم ضحايا الصوت الحر والكلمة الحرة، نسأل الله سبحانه وتعالى الفرج لمعتقلينا وأن يرد بعزه وجلالته سبحانه وتعالى، مغتربينا ومهجرينا وأن يجعل حياتنا وأحوالنا، يحولها إلى أحسن حال، والحمد لله ربع العالمين.
رابط للخطبة صوت وصورة:
https://www.youtube.com/watch?v=Ky0spBNIT48&feature=youtu.be
بيان النيابة العامة بشأن توقيفه:
صرح عبدالله الدوسري رئيس نيابة محافظة المحرق بأن النيابة العامة قد تلقت بلاغاً من مديرية أمن شرطة محافظة المحرق مفاده قيام أحد الخطباء بالإساءة للنظام الدستوري للمملكة اثناء إلقائه خطبة الجمعة .
وقد باشرت النيابة التحقيق واطلعت على الخطبة واستجوبت المتهم بحضور محاميه وواجهته بما تضمنته خطبته وأمرت بحبسه سبعة أيام على ذمة التحقيق بعد أن وجهت إليه تهمة التحريض على كراهية النظام الدستوري للمملكة وجاري استكمال التحقيقات.
https://www.instagram.com/p/BIzuPG7j5Yl/
تحديث:
11 أغسطس/آب 2016: راجعت عائلة الشيخ المؤمن سجن الحوض الجاف، وتم تحديد 14 أغسطس موعداً للزيارة العائلية.
13 أغسطس/آب 2016: تمكن الشيخ عيسى المؤمن من الاتصال بعائلته صباح اليوم، كانت المكالمة وجيزة، طمأن فيها عائلته، وقال إنه محتجز بمعزل عن بقية رجال الدين الشيعة الذين تم اعتقالهم، لكنه لم يعط أية معلومات إضافية عن المبنى المحتجز فيه في سجن الحوض الجاف.
14 أغسطس/آب 2016: ذهبت العائلة عند 8 صباحاً لسجن الحوض الجاف، لكن الشرطة أبلغوهم أن الشيخ المؤمن تم نقله لمبنى المحكمة حيث توجد لديه جلسة محاكمه، العائلة حاولت مناقشة الشرطة أن محاكمته في 17 وليس 14، لكن الشرطة أبلغوهم إن المؤمن تم نقله منذ 7 إلى مبنى المحكمة، وقد أعطيت العائلة موعداً جديدا في 15 أغسطس (اليوم التالي).
بعد مغادرة السجن اتصلت العائلة بالمحامي الذي أبلغها أن الشيخ المؤمن لم يتم جلبه إلى المحكمة، وأن موعد محاكمته لم يتغير، وهو ما أدى لقلق شديد على صحته.
15 أغسطس/آب 2016: التقت العائلة للمرة الأولى بالشيخ المؤمن، الزيارة كانت مراقبة من قبل حراس السجن، مع وجود حاجز زجاجي بين العائلة والشيخ عيسى المؤمن.
وبخصوص ما حدث في اليوم السابق، أوضح الشيخ المؤمن إن الشرطة أبلغوه عند 8 و45 دقيقة بقرار نقله للمحكمة، وكان قد أوضح إليهم إن لديه زيارة عائلية وأن موعد محاكمته سيكون 17 أغسطس، لكن الشرطة لم يستمعو إليه ونقلوه لمبنى المحكمة، ومن هناك تم إعادته للسجن بعد أن قالو له إن موعد المحاكمة هو في 17 من أغسطس.
بشكل عام قالت العائلة إنه كان بصحة جيدة، لكنه اشتكى من عدم السماح له بإجراء مكالمات هاتفية، كبقية السجناء، حيث يسمح بإجراء ثلاث مكالمات أسبوعية.
بعد حوالي 25 دقيقة أبلغهم أحد الشرطة أن موعد الزيارة انتهى، وقد قامت العائلة بأخذ موعد جديد للزيارة في 23 أغسطس الجاري.