بالفصيح: ” لا بديل عن جنسيتنا البحرينية”.
د.منذر الخور
حقوقي بحريني
جملة مفيدة وعبارة فصيحة ومقولة بليغة نطق بها المواطنون البحرينيون المسقطة جنسياتهم الذين استدعتهم الإدارة العامة لشئون الجنسية والجوازاتوالإقامة على دفعتين يومي الاثنين والثلاثاء 14 و15 يوليو2014 على التوالي: ” لا بديل عن جنسيتنا البحرينية “،قالوا كلمتهم ومشوا وهي كلمة يفهمها أولى الألباب.الغريب إن تطلب الإدارة منهم التوقيع على تعهد “بتصحيحأوضاعهم القانونية”، وهم الذين ليس لديهم أوراق رسمية ” يصححون” بها أية أوضاع لان جميع أوراقهم الرسمية من وثائق الجنسية والبطاقات الذكية قد سحبت منهم بتاريخ25 يونيو 2013 بعد ثمانية شهور من قرار إسقاط جنسياتهم في 6 نوفمبر 2012 ولم يعد في مقدورهم إجراءأية معاملة خاصة بهم. لقد كانت أوضاعهم صحيحة قبل هذا التاريخ لكنها لم تعد كذلك بعد هذا التاريخ، فكيف تطلب منهم “تصحيح” أوضاعا جعلها هذا القرار غير صحيحة. الصحيح هو إن تصحح أوضاعهم غير الصحيحةبإعادتهم إلى أوضاعهم الصحيحة قبل هذا التاريخ، وما عدا ذلك فليس صحيح. فكيف تطلب منهم ” تصحيحا”لأوضاع جعلها القرار غير صحيحة؟ والصحيح هو بتصحيح غير الصحيح، وليس العكس.
والأغرب إن الإدارة العامة لشئون الجنسية والجوازات والإقامة طلبت منهم في سياق الاستدعاء إيجاد ” كفلاء” لهم باعتبارهم ” غير مواطنين” الآن وهم بحاجة إلى مواطن أو مواطنين ” يكفلونهم”. الم تتباهي السلطة البحرينية أمام العالم اجمع أنها أول من كسرت نظام الكفالة المطبق على العاملين الأجانب في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، وهي لم تفعل ذلك حبا في عمالتها الأجنبية أو الوافدة أو المهاجرة، حسب التسميات المتداولة، بل تحت ضغط دولي شديد في تقارير دولية أصبحت منتظمة تصدر عن منظمة العمل الدولية ومنظمة الهجرة الدولية ومنظمات حقوقية دولية مرموقة ووزارات خارجية دول متنفذة وصمتجميعها هذا النظام بأنه شبيه بالرق والمعاملة التي يلقاها العمال الأجانب في الخليج جراء تطبيقه بأنها أشبهبالعبودية، وهي أوصاف إدانة ليس لهذا النظام فحسب، بل لكل السلطات الحاكمة التي تعمل به وتطبقه؟ الم توضع هي ونظيراتها الخليجيات من قبل بعض الدول الصديقة لها على قوائم سوداء وتم إدراجها ضمن الدول التي تقتضي مراقبتها باستمرار فيما يتعلق بحقوق الأجانب العاملين والمقيمين على أراضيها؟ أليس نظام الكفالة هو الذي جر على السلطة البحرينية سيل من الإدانات الدولية لسنوات طويلة ووضعها موضع الارتياب في تعاملها مع الأجانب المقيمين فيها باعتبارها دولة منتهكة لحقوق العاملين الوافدين؟ ولماذا قفز الآن هذا النظام المدان دوليا علىأجندة إدارة الجنسية والجوازات والإقامة، باعتبارها الجهاز الرسمي المنفذ لسياسات السلطة الحاكمة المتعلقة بقضايا الجنسية والإقامة، لتطبقه على هذه الفئة التي حرمتهاتعسفيا من حقها في الجنسية وعلى نحو مخالف حتى لشروط إسقاط الجنسية الواردة في قانون الجنسية البحريني لعام 1963؟ هل نسيت أو تناست سنوات الإدانة الدولية على تطبيق نظام وصف بأنه جائر ومجحفومتعسف ومصادر لحقوق الآخرين في العمل والإقامةوالتنقل والسعي لتحسين ظروف المعيشة لأنه نظام يرتهن العاملين في البحرين والخليج تحت رحمة ” كفلائهم” الذين ليسوا بالطبع ” ملائكة” وإنما هم بشر لهم ما لهم وعليهم ما عليهم؟ فكيف سمحت هذه الإدارة الحكومية لنفسها إنتسترجع الماضي القريب بكل مثالبه وتستحضر الإداناتوالاتهامات الشنيعة التي صبت عليها من أطراف دولية عديدة؟
إن هذا يكشف للعيان ودون أدنى شك بأنه ، خلافا لما تدعيهالسلطة الحاكمة، فان نظام الكفيل لم يكسر ولم يلغى ولميصبح من الماضي، بل هو قائم وحاضر ومطبق ومعمول به،وإلا لماذا تحدثت هذه الإدارة الحكومية عن نظام ” الكفيل”كإجراء ” لتصحيح” أوضاع المسقطة جنسيتهم، وهل هناكأسوء من معالجة أوضاع أشخاص جردوا تعسفيا من جنسياتهم عن طريق إدخالهم في نظام مدان دوليا وإنسانيا باعتباره قاهر للإنسان وسالب لحقوقه؟
العبارة الفصيحة التي نطق بها المواطنون المسحوبة جنسياتهم أثناء استدعائهم من قبل إدارة الجنسية هي عبارة بليغة تعيها العقول اللبيبة لأنها تجسد التشبث بحق المواطنة البحرينية كحق طبيعي لهم لا يجوز العبث به تحت إي ظرف، وتعبر عن تمسكهم بحقهم في الجنسيةالبحرينية التي لا بديل عنها ورفضهم معاملتهم كأجانب أو غرباء في وطنهم، أنها تجسد تجسيدا حيا لمشاعرهمالوطنية الصادقة التي تذوب عشقا في الوطن المتجذر في نفوسهم وتنصهر وجدا في أرواحهم، وأين موقفهم هذا المعبر عن صدق أحاسيسهم الوطنية من مشاعر الداعشيالذي مزق جنسيته البحرينية باختياره على رؤوس الأشهاد وأمام الكاميرات متبرأ منها ومتنكرا لها.
اعتبروا يا أولى الألباب و زنوا الأمور.