يحتفل العالم باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري الذي يوافق ٢١ مارس من كل عام، وتدعوا الأمم المتحدة الى مكافحة العنصرية من خلال بذل المزيد من الجهود من أجل رأب الصدع والشقاق الناجم عن العنصرية والتعصب ضد الفئات المضطهدة في المجتمع.
بالرغم من انضمام البحرين للعديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، ومنها إتفاقية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والتي انضمت اليها البحرين بتاريخ ٢٧ مارس ١٩٩٠، غير انها تمارس التمييز العنصري بشكل فاقع ضد المواطنين الشيعة.
التمييز ضد المواطنين العالقين في ايران
منذ انتشار فايروس كورونا حتى اليوم هناك مايقارب ١٣٠٠ من المواطنين الشيعة مازالوا عالقين في ايران والتي يتفشى فيها وباء فيروس كورونا، تحت ظروف صحية ومادية ومعنويات صعبة للغاية، حيث تخلتحكومة البحرين عن مسؤولياتها تجاههم، فلا تسمح لهم بالعودة لوطنهم وترفض وضع خطة لإجلائهم.
بتاريخ ٧مارس ٢٠٢٠ صدر توجيه من ملك البحرين الى السلطة التنفيذية بتحديد مسؤولية اجلاء المواطنين البحرينيين العالقين في ايران وهي إدارة الأوقاف الجعفرية والتي مهمتها بالأساس الإشراف على دور العبادة إضافة الى إدارة أصول المؤسسات الدينية للمواطنين الشيعة ومتابعة شئون المقابر التابعة لهم! ومسؤولية إجلاؤهم من اختصاص وزارة الخارجية. ويعد سابقة فريدة من نوعها حيث رعاية المواطنين المسافرين هي من مسؤوليات هذه الوزارة وليس الأوقاف.
بعد تزايد الضغوطات المحلية سمحت الدولة لأول دفعة من العالقين في ايران للعودة للبحرين بواسطة دولة عمان، وعبر الخطوط الجوية لطيران السلام العماني، وكان عددهم ١٦٥، ليتبين بعد الفحوصات وجود ٧٧ حالة إصابة بفيروس كورونا حيث تم وضعهم في الحجر الصحي. وعلى اثر ذلك تراجعت الدولة فيما بعد عن اجلاء بقية العالقين، وذلك حتى اشعار آخر. ونتيجة الظروف الصحية والمعيشية الصعبةتوفى خمسة منهم حتى الآن.
الى ذلك فإن الدولة تغاضت عن حملات الإزدراء وخطاب الكراهية الذي شن ضدهم في مواقع التواصل الإجتماعي. إن عدم قيام الجهات المسؤولة بالدولة بالتحقيق مع اصحاب هذه الحملات لدليل على أن خطابات الكراهية موجهة من جهات رسمية.
إن التمييز الطائفي الذي حصل للمواطنين الشيعة العالقين في ايران والتأخر في اجلائهم قد يكون هو السبب في تزايد حالات الإصابات بفايروس كورونا، وهو مخالف لمبدأ حق المواطن البحريني فيالحصول على الرعاية الصحية وحقه على الدولة في توفير الحماية للحد من انتشار المرض وهو مخالف للمادة ١٧ من الدستور البحريني “يحظر إبعاد المواطن عن البحرين أو منعه إلى العودة إليها”.
التمييز الديني
حلت السلطات في البحرين في عام ٢٠١٤ المجلس الاسلامي العلمائي وهو أكبر مؤسسة دينية للمواطنين الشيعة بقرار قضائي نهائي، وكذلك تم حل جمعيتي التوعية الإسلامية والرسالة الإسلامية وهما مؤسستان مختصتان في شؤون الثقافة الدينية للشيعة. اضافة الى ذلك فقد تم اسقاط الجنسية والابعاد القسري ضد كبار علماء الدين الشيعة في البحرين مثل آية الله محمد سند وآية الله الشيخ حسين نجاتي حيث اسقطت جنسيتهما عام ٢٠١٢ وتم ترحيل الأخير قسراً عام ٢٠١٤ خارج البلاد، كذلك عملت مع آية الله الشيخ عيسى قاسم وهو أكبر مرجع ديني للمواطنين الشيعية في البحرين حيث تم اسقاطجنسيته عام ٢٠١٦ بموجب مرسوم ملكي، وهو يعيش في مدينة قم الإيرانية بعيداً عن وطنه. هذا وقد منعت السلطات البحرينية علماء الدين الشيعة من التصرف في أموال فريضة الخمس واعتبرتها جريمة وهي فريضة دينية أساسية عند الشيعية. هذا وتلاحق البحرين علماء الدين الشيعة من خلال الاستدعاءات المتكررة للتحقيق معهم في التحقيقات الجنائية واجهزة الامن الوطني وتلفق ضدهم تهم وتزج بهم في السجون بعد محاكمات غير عادلة لسلطة قضائية غير مستقلة. آخر هذه المحاكمات كانت بتاريخ ٢٧ فبراير ٢٠٢٠ حيث تم الحكم بالسجن لمدة عام على الشيخ عبدالمحسن ملا عطية الجمريبسبب محاضرة دينية. يوجد في سجون البحرين عشرات من علماء الدين الشيعة بتهم سياسية ومنهمالشيخ علي سلمان امين عام جمعية الوفاق التي حلتها السلطات البحرينية في عام ٢٠١٦ وحكم عليه بالسجن المؤبد في عام ٢٠١٩.
يضاف لذلك هدم السلطات اكثر من ٣٨ مسجد للشيعة في البحرين قبل ان تعيد بناء عدد منها تحت الضغوط والانتقادات الدولية والأممية. غير انها لازالت ترفض إعادة بناء بعض هذه المساجد وترفض إعطاء أي تصريح جديد ببناء مساجد او مؤسسات للمواطنين الشيعة في مناطق عدة من البلاد ومنها منطقة مدينة حمد. كما مازالت الأجهزة الأمنية تعتدي على المظاهر الدينية في موسم عاشوراء حيث تعمل على إزالة اللافتات الدينية المكتوبة والمعلقة وتحقق مع خطباء المنابر الدينية وتمنع عدد منهم من الخطابة وتمنع عدد آخر من السفر.
الى جانب ذلك فقد أصدرت اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية تقريرها السنوي لعام ٢٠١٩ وصنفت البحرين للمرة الثالثة على التوالي ضمن المستوى الثاني. تضّمن التقرير العديد من التوصيات، بينها حث البحرين على تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق، حيث جاء في التوصيات “على البحرين تطبيق القوانين التي تحظر التمييز الديني في التوظيف”، والضغط على الحكومة لتمريرمشروع يسمح بالمسائلة عن الانتهاكات ضد المواطنين الشيعة، والمطالبة بإطلاق سراح سجناء الرأي ونشطاء الحريات الدينية.
التمييز في التعليم
يشتكي الطلاب الشيعة من التميز ضدهم في الحصول على البعثات الدراسية والدراسات العليا، ويتماستبعادهم من التخصصات التي يرغبونها في دراستها. هذا وقدم عدد من الطلبة الحاصلين علىمعدلات ١٠٠٪ و ٩٩٪ بعدة شكاوى حيث تم حرمانهم من الدراسة حسب رغباتهم في تخصصات متطورة مثل الطب، او الحصول على بعثة دراسية في الخارج.
التمييز في العمل
لا يتم توظيف المواطنين الشيعية بالأغلب في الأجهزة الأمنية والعسكرية مثل الجيش والشرطة والحرس والأمن الوطني. هذا ويمارس التمييز الفاقع في التعيينات في السلطة التنفيذية ومنها التمثيلالدبلوماسي والوزارات السيادية مثل وزارة الخارجية و الداخلية والمالية والدفاع او في الديوانالملكي وكذلك الحال في السلطة القضائية.
يذكر بأن لجنة خبراء الأمم المتحدة المستقلين في مجال حقوق الإنسان في أغسطس ٢٠١٦، وهي لجنة ترصد تنفيذ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصر من جانب دولها الأطراف، قالت بأن المضايقة المنهجية للسكان الشيعة من قبل السلطات في البحرين بما في ذلك تجريد الكثير من جنسياتهم أمر يدعو إلى القلق “ومن الواضح أن الشيعة مستهدفون على أساس دينهم”، وأكد الخبراء “لقد شهدنا مؤخرًا حل جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، وإغلاق الجمعيات الدينية، والقيود المفروضة على ممارسة الشعائر الدينية، وصلاة الجمعة والتجمعات السلمية، والقيود المفروضة على حركة التنقل، وتقييد الوصول إلى الإنترنت وحظر على الزعماء الدينيين الشيعة من الوعظ.
منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان تحث السلطات البحرينية على احترام الدستور المحلي حيث تنص المادة الرابعة على “العدل أساس الحكم، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين، والحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة”. كما تطالب الدولة بالإسراع في اتخاذ الإجراءات لإرجاع للمواطنين العالقين في ايران وذلك تطبيقاً للمادة السابعة عشر من الدستور حيث ينص على “يحظر إبعاد المواطن عن البحرين أومنعه إلى العودة إليها”. وعلى الحكومة احترام إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية الذيتم اقراره في ١٣ سبتمبر ٢٠٠٧، واحترام اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العصري بالتوقف فوراً عن التمييز ضد المواطنين الشيعة في البلاد واعطائهم كافة حقوقهم السياسية والمدنية والاقتصادية والثقافية وعدم التمييز الديني والاضطهاد الطائفي ضدهم