الديمقراطية تعني في الأصل حكم الشعب لنفسه و هي شكل من أشكال الحكم السياسي قائمٌ بالإجمال علَى التداول السلمي للسلطة ويتميز هذا الشكل من أشكال الحكم بانتخابات سرية نزيهة وحرة وتنافسية ، سيادة القانون وسيادة الدستور المتوافق عليه والفصل بين السلطات هي الضمانة لحقوق الإنسان والحريات لجميع الأشخاص، والديمقراطية هي ضمانة الشعوب من اشكال الحكم الديكتاتوري وأن يمسك السلطات شخص واحد أو أسرة حاكمة كما هو الحال في نظام الحكم الفعلي الحالي في البحرين .
مازال نظام الحكم في البحرين دكتاتوري العائلة الحاكمة هي التي تسيطر على جميع مفاصل الدولة وتمسك بزمام جميع السلطات سيادة القانون لا تطبق على أفراد الأسرة الحاكمة، في عام ١٩٧٢ أصدر الحاكم الشيخ عيسى ال خليفة مرسوم سمح من خلاله بكتابة دستور للبلاد عرف ب ” دستور ٧٣ ” عقدة انتخابات برلمانية واحدة فقط في ضل دستور ١٩٧٣ ولكن الحاكم عيسى ال خليفة الغى الانتخابات البرلمانية وقام بحل المجلس التشريعي وعطل العمل بالدستور في عام ١٩٧٥ وحكم البلاد تحت قانون الطوارئ حتى عام ٢٠٠٢، على اثر ذلك اندلعت احتجاجات تطالب بالعودة للعمل بالدستور والمطالبة بالديمقراطية وحكم الشعب لنفسه عبر انتخابات حره مباشرة للحكومة وللبرلمان .
بعد وفاة الحاكم عيسى ال خليفة صعد للحكم ابنه الملك الحالي حمد بن عيسى ال خليفة وسعى لوضع حد للاحتجاجات التي عرفت بأحداث التسعينات في البحرين عندما اعلن عن إصلاحات ديمقراطية والعودة الى الحكم الدستوري ، توافق الشعب والملك على أن تكوت البحرين ملكية دستورية والعائلة تملك ولا تحكم والشعب يكون مصدر جميع السلطات وفي عام ٢٠٠١ وضع الملك ميثاق العمل الوطني الذي من شأنه يحول البلاد للحكم الدستوري ولكن وجد الشعب والمعارضة تغييرات في الميثاق الذي تم صياغته بدون توافق الشعب تحول البرلمان من غرفة واحدة حسب دستور ١٩٧٣ الى برلمان من مجلسين احدهم يكون بالانتخابات المباشرة والأخر يكون بالتعيين من قبل الملك، حاول الملك الالتفاف على المعارضة ليضمن التصويت على ميثاق العمل الوطني وقام بالتوقيع على وثيقة توضيح أن مجلس النواب المنتخب سيكوون له سلطة التشريع وسيكون المجلس المعين استشاري فقط وبناء على هذه التأكيدات قبلت المعارضة المشاركة في التصويت على ميثاق العمل الوطني بنعم في استفتاء و تم قبول الميثاق عام ٢٠٠١ بنسبة ٩٨.٤٪.
https://www.youtube.com/watch?v=9ho9sQOujvM
ولكن في عام 2002 أصدر الملك حمد دستور عام 2002 دون أي تشاور أو استفتاء عام حيث أعطى من خلاله صلاحيات مجلس الشورى المعين سلطات تشريعية متساوية مع مجلس النواب المنتخب ناقضا وعدا أعلن فيه علنيا في عام 2001، و نتيجة لذلك قاطعت المعارضة الانتخابات البرلمانية، إضافة لتوزيع الدوائر الانتخابية في البلاد بما يعكس نوع من أنواع التمييز والاضطهاد الطائفي الفاضح حيث تم هندسة تقسيم الدوائر الانتخابية بطريقة تهدف الى ضمان حصول المعارضة على الأقلية في مقاعد البرلمان لتضمن الحكومة الغير منتخبة تمرير القوانين والسياسات بصورة سلسلة، وعلى هذا الأساس بقت البحرين مملكة دستورية على الورق فقط وفي شركات العلاقات العامة التي تدفع لها البحرين الملايين لتلميع صورتها ولكن في الحقيقة مازالت البحرين تحكم من قبل الملك واسرته ومازال الملك هو مصدر السلطات ولا وجود فعلي لحكم الشعب وعليه دخلت البلاد في ثورة مرة أخرى في عام ٢٠١١، حيث خرج شعب البحرين عام ٢٠١١ للمطالبة بوقف حد للديكتاتورية والاستفراد بالقرار السياسي والاستفراد بثروات البلاد إضافة للفساد المالي والإداري الذي وضع البلاد في أزمات اقتصاديه خانقة، إضافة لانتهاكات حقوق الإنسان التي مازالت تحصل وتتسم بالقهر والإهانة الإنسانية والظروف التي تنتهك كرامة الإنسان وتكميم الأفواه وزج السياسيين المطالبين بالتحول نحو الديمقراطية في السجون بعقوبات تصل للمؤبد واغلاق الأحزاب السياسية ومصادرة أموالها وممتلكاتها واغلاق صحيفة الوسط واغلاق تلفزيون ” العرب” بعد يوم واحد فقط من افتتاح القناة وإصدار احكام الإعدام واسقاط جنسيات والابعاد القسري من البلاد وزج البلاد في صراعات دولية كما هو حاصل الان مشاركة البحرين في الحرب ضد اليمن .
يطالب شعب البحرين منذ عقود بالديمقراطية الذي كفلته له المواثيق الدولية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص البند ٣ من المادة ٢١ منه على أن ” إرادة الشعب هي مناط الحكم و يجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجري دورياً بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت . والديمقراطية هي إحدى المثل العليا المعترف بها عالميا، كما أنها القيم الأساسية للأمم المتحدة ، وايضاً حق الشعوب في تقرير مصيرها واختيار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظله والسيادة التي يريد الانتماء إليها باعتبار السيادة ركن أساسي من أركان تقرير المصير ولعب هذا المبدأ دور مهم في القانون الدولي.
تتيح الديمقراطية بدورها البيئة الطبيعية لحماية حقوق الإنسان وضمان العدالة والمسائلة التي تطبق على الجميع دون تمييز أو استثناء ومسائلة المسؤولين عن جرائم حقوق الإنسان مثل التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء وغيرها من الانتهاكات الجسيمة التي تحصل في البحرين وتعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي واحترام المعاهدات والصكوك الدولية وضمان التوزيع العادل للثروة والحد من الفساد بجميع اشكاله وإنشاء مؤسسات فعالة وشفافة وخاضعه للمسائلة على جميع المستويات وحماية الحريات الأساسية وفقاً للاتفاقيات الدولية وضمان فصل السلطات وهي حاجة ماسة للمجتمعات بغية انجاز التنمية المستدامة .
سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان تحث ملك البحرين الالتزام بما ألزم نفسه به والوفاء بتعهداته وفتح قنوات الحوار البناء التي تنتهي بالتحول نحو الديمقراطية التي تمثل بوصلة في الاتجاه الصحصح للمضي قدما في درب المستقبل ، واطلاق سراح جميع المعتقلين بدوافع سياسية وتعويضهم عن جميع الأضرار النفسية والمادية ومحاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان .