أكتوبر 2024
(ملخص لبحث تم إجراؤه في الفترة ما بين أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024)
تقدم حكومة البحرين نفسها كمثال للدولة المستقرة والحكم الرشيد؛ بعد أن قمعت الاضطرابات الداخلية التي شهدتها عام 2011. إلا أن الواقع يشير إلى تكثيف الجهود لإسكات المعارضة في سياق إقليمي ضعفت فيه سيادة القانون. هناك خطر متزايد من أن يتحول الاستياء المتصاعد إلى أزمة داخلية متفاقمة، لكن لا يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد.
في 30 أكتوبر 2024، ستنشر منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان نتائج بحث تم إجراؤه في البحرين بين أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024. يمثل هذا التقرير بداية مبادرة تهدف إلى ضمان أن الانتخابات العامة المتوقع عقدها في البحرين في أواخر 2026 تفي بحق المواطنين في المشاركة في الشؤون العامة وأن تكون شاملة وتشاركية قدر الإمكان. تستند هذه المبادرة إلى فكرة أن الديمقراطية الشاملة والتشاركية هي المفتاح للحد من انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين. في هذا الصدد قال جواد فيروز، مدير منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان: “لقد أبلَغَنا المئات الذين شاركوا في هذا البحث في البحرين بوضوح أنه ما لم يمثلهم نوابهم المنتخبون بشكل حقيقي، وتستمع الحكومة إلى مخاوفهم، فإنهم يخشون أن يؤدي التراجع المتزايد إلى زعزعة الهدوء المفروض من قبل السطات الأمنية. لا ينبغي أن يكون الحال هكذا. إن تعزيز الديمقراطية قبل انتخابات 2026، كما وصف أحد المشاركين، هو ’أمل قابل للتحقيق‘”.
تؤكد نتائج البحث إلى أن شرعية ومتانة المؤسسات الحاكمة في البحرين تواجهان تزايد في التدقيق العام والانتقاد. إن ممارسة الحكومة المستمرة لفرض الاستقرارالهش من خلال قوانين وممارسات تقمع حق التعبير وحرية التجمع والحق في تكوين جمعيات، تواجه خطر التفكك وعزل المجتمعات بشكل كامل. هذا وقد أعرب المشاركون في المبادرة عن قلقهم من عودة نمط الاضطرابات الدورية. وتظل الثقة العامة في مجلس النواب المنتخب وأداء حكومة البحرين على المحك في ظل استمرار عدم تلبية التوقعات الشعبية المتعلقة بالحكم. وتبدو أصوات النساء والشباب البحرينيين، على وجه الخصوص، غائبة عن الخطاب العام.
تشير الأدلة الشاملة، المتعمقة والمتعددة المصادر إلى أن اتخاذ تدابير ملموسة لفتح المجال المدني وتمكين المواطنين من المشاركة بشكل فعال في الشؤون العامة قبل انتخابات 2026 هو المفتاح للحد من انتهاكات حقوق الإنسان وضمان الاستقرار الاجتماعي وبناء مستقبل أكثر أمناً لجميع البحرينيين. وتشمل هذه التدابير اتخاذ خطوات حاسمة لإشراك من تم حظرهم سابقًا من المشاركة في العملية السياسية وإشراك من تم الإفراج عنهم من السجن خلال عام 2024، وحملة شفافة تقودها الدولة لإشراك جميع قطاعات المجتمع في النقاش المفتوح والمشاركة في الشؤون العامة.
وقد شمل البحث الذي أجرته منظمة سلام على:
- استبانة أجاب عليها 308 شخصًا. وقد حددت آراء الناس حول سلوك وسلطة مجلس النواب المنتخب؛ واستجابة الحكومة والديمقراطية في البلاد؛
- ثلاث مناقشات مائدة مستديرة موضوعية في البحرين، شارك فيها حوالي 150 شخصًا؛
- أربع جلسات أخرى موضوعية عبر الإنترنت شارك فيها حوالي 200 شخصاً؛
- تنظيم ندوتين عامتين عبر الإنترنت حول القضايا المتعلقة بالبحث، شارك فيهما حوالي 1000 شخص في كل مرة؛
- تقييم منهجي لسلوك وعمل مجلس النواب وأعضائه، بما في ذلك تقييم التجمعات غير الرسمية المفتوحة التي يعقدها العديد من الشخصيات العامة بشكل روتيني، والتي تسمى المجالس؛
- تقييم منهجي لكيفية تعامل الحكومة مع المواطنين والتشريعات التي تم سنها؛
- تقييم دوري وواسع النطاق لوسائل الإعلام المرخصة من الحكومة لتقييم التغطية الإخبارية لمجلس النواب وأعضائه وعملهم؛ والتعبير عن مخاوف الناس.
في حين شملت النتائج طيفاً من الآراء، أبلغ مئات البحرينيين من مختلف أنحاء البلاد، من مكونات مجتمعية والمهنية والفئات العمرية المختلفة فريق البحث بأن لا الحكومة ولا مجلس النواب وأعضائه يستمعون إليهم أو يعكسون مخاوفهم بشأن قضايا مثل مستويات المعيشة وفرص العمل ومستويات الأجور والإسكان أو الوصول إلى الخدمات الاجتماعية. في هذا السياق، تعكس النتائج تلاقي الشعور بالإحباط والاغتراب وعدم الرضا عبر مختلف المجتمعات، مما يستدعي، بل ويتطلب انتباه الحكومة. أظهرت نتائج الاستبانة، التي شارك فيها 308 مستجيباً، أن 76% من المشاركين يعتقدون أن المجلس الوطني – بغرفتيه في البرلمان – والسلطة التنفيذية في حكومة البحرين لا يعملان معاً لتلبية احتياجات المواطنين. وأفاد 84.6% بأنهم لا يثقون في قدرة مجلس النواب المنتخب على مساءلة السلطة التنفيذية، فيما أبدى 74% شكلاً من أشكال عدم الرضا تجاه تواصل أعضاء مجلس النواب مع المشاركين في الاستطلاع كناخبين ومواطنين، بينما أشار 86.3% إلى أن أعضاء مجلس النواب لا يمثلون مصالحهم.
لم تتمكن منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان من العثور على أي حالة تشير إلى أن الحكومة – مجلس الوزراء – قد استشارت الجمهور صراحةً فيما يتعلق بتطوير التشريعات أو الجوانب الأخرى من إدارتها. وتشير الأدلة إلى أن أسلوب الحكم يتسم بعدم التوازن ويُدار من أعلى إلى أسفل حيث يثني مجلس الوزراء ويمتثل للتوجيهات الملكية التي تطغى على التشريعات التي تطورها “أصوات الشعب” في مجلس النواب.
خلال فترة الرصد، اقترح مجلس النواب 128 قانونًا، تم إقرار 54 منها، أو 42%. كما قدم 274 “اقتراحًا برغبة”، 149 منها بصفة الاستعجال. ومن بين هذه الاقتراحات، كانت 69% تتعلق بالمرافق العامة والخدمات العامة، والتي قبلت حكومة البحرين 41 منها، أو 27.5%.
كما وجه مجلس النواب 166 سؤالاً إلى الحكومة، وحصل على 103 ردود رسمية. وعقد مجلس النواب أربع لجان تحقيق بينما تقدم الأعضاء بطلب واحد لاستجواب ممثل حكومي فيما يتعلق بالمرافق العامة، لكن حكومة البحرين رفضت الطلب.
استنتجت نتائج البحث المتعلقة بمجلس النواب إلى أن هذه المؤسسة ضعيفة قانونياً، مجزأة وهي غير قادرة على مساءلة السلطة التنفيذية. بينما يعتبر المجلس قائماً بوظائفه، فإن أعضاءه منقسمون، عديمو الخبرة، وفي بعض الأحيان غير مدركين لواجباتهم أو سلطاتهم. لم يكن الأعضاء راغبين أو قادرين على انتقاد السلطة التنفيذية واستخدام آليات المساءلة المحدودة المتاحة لهم. وقد اتخذوا دورًا استشاريًا للحكومة بدلاً من سن تشريعات مستقلة. وتزيد قوانين “العزل السياسي” لعام 2018 التي تحظر الجمعيات السياسية المعارضة السابقة وتمنع أعضائها من الترشح للانتخابات أو حتى التصويت او الترشح لعضوية مجالس إدارات مؤسسات المجتمع المدني من تقويض شرعية مجلس النواب في نظر العامة. كما تؤكد نتائج البحث أن تفاعل أعضاء المجلس ضعيف جداً مع الناخبين، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية، ولم يعكسوا بشكل جيد مخاوف ومتطلبات المواطنين في المجلس. أظهر المواطنون أيضًا سوء فهم لدور المجلس، ووجدت النتائج انتشاراً للتشاؤم بين الناخبين حول المجلس المنتخب. بالرغم من ذلك، خلال فترة البحث، بدأ عدد محدود من أعضاء المجلس بالتفاعل بشكل متزايد مع الناخبين، وبدأت بعض وسائل الإعلام المرخصة من الحكومة بنشر مقالات تُحاسب المجلس حيث برز خطاب عام حول المساءلة. علماً ان البحرين دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR). تضمن المادة 25 من العهد حق المواطنين في المشاركة في الشؤون العامة، والتصويت، والحصول على الخدمات العامة.
اعتباراً من عام 2025، ستتواصل منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان مع أصحاب المصلحة ومنها الحكومة البحرينية لعرض مزايا الإصلاح الديمقراطي، وستجادل بأن ضمان مشاركة المواطنين في الحياة العامة يمكن أن يقلل من طيف واسع من انتهاكات حقوق الإنسان. وستناشد شركاء البحرين الدوليين لإقناع السلطات بأن الإصلاح الديمقراطي سيعزز أمن جميع البحرينيين ويقلل من المخاوف المتعلقة بتلك الانتهاكات. تسعى المنظمة إلى تحقيق تغييرات ملموسة قبل الانتخابات العامة المقررة في أواخر 2026.
قدمت منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان في تقريرها الشامل توصيات لحكومة البحرين ومجلس النواب البحريني، منها:
- الإعلان علنًا وبشكل متكرر عن أهمية مجلس النواب المنتخب في البحرين وحث المواطنين على التواصل مع ممثليهم المحليين، سواء من خلال مكاتبهم أو مجالسهم، لنقل مخاوفهم ورغباتهم وتطلعاتهم؛
- التواصل والتشاور مع الاتحاد البرلماني الدولي والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء من أجل تطوير المعرفة المؤسسية حول أفضل الممارسات الدولية فيما يتعلق بالعملية والممارسة البرلمانية؛
- إعادة صياغة الأحكام القانونية التي تحكم عمل مجلس النواب، بما في ذلك صلاحياته ونطاق التدقيق؛
- سن التشريعات في عام 2025 لحماية حرية التعبير لأعضاء مجلس النواب المنتخبين فيما يتعلق بالمسائل التي أثيرت في المجلس وفيما يتصل بدورهم كممثلين منتخبين للشعب البحريني.
- تمكين المجتمع المدني، بما في ذلك تعديل أو إلغاء الأحكام التي تمنح الحكومة صلاحية التدخل في اختيار رؤساء وأعضاء مجالس إدارة منظمات المجتمع المدني، وتشكيل مشاورة رسمية مع قطاع منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك لغرض إعلام الحكومة بمخاوف قطاع منظمات المجتمع المدني، ومخاوف أعضائها؛
- إلغاء التشريعات التي تقيد عمل النواب وتعديل اللوائح الداخلية لتمكينهم من أن يكونوا صوت الشعب وتشجيع الشخصيات القوية على الترشح لمناصب في المستقبل؛
- تعديل التشريعات لإنهاء تجريم التعبير في الأماكن العامة وعلى الإنترنت؛
- العمل على تمكين الصحافة الحرة التي تقدم مجموعة متنوعة من الآراء وتشجع تغطية اعمال مجلس النواب؛
- النظر في إعادة رسم الدوائر الانتخابية لتحقيق تمثيل أكثر تناسبية؛
- إلغاء أو تعديل قانون الحقوق السياسية لعام 2018 للسماح بمشاركة أكبر من السياسيين ذوي الخبرة والشعبية؛ و
- تعزيز وتمكين دور مجلس النواب في المساءلة والإشراف الحكومي من خلال تشجيع مراقبة أفضل لأنشطة حكومة البحرين.