الاستعراض الدوري الشامل هي آلية من الآليات المؤثرة لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحده والتي تم اعتمادها عندما تم تأسيس المجلس في 15 مارس 2006 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 60/251 من اجل استعراض اوضاع حقوق الانسان في 193 دولة عضو في الامم المتحده وهو إجراء يستند إلى معلومات موضوعية وموثوق بها، لمدى وفاء كل دولة بالتزاماتها وتعهداتها في مجال حقوق الإنسان على نحو يكفل شمولية التطبيق والمساواة في المعاملة فيما يتعلق بجميع الدول ويعطي هذه الدول الحق في تقديم تقريرها حول الخطوات التي اتخذتها لتعزيز حالة حقوق الانسان فيها وكيفية تخطيها العقبات في سبيل تمتع شعوبها بكل حقوقهم المنصوص عليها، وكذلك فان الاستعراض الدوري الشامل يقوم بعرض افضل الأمثلة العملية لتعزيز حقوق الانسان حول العالم.
تذكر الأدبيات الحقوقية الصادرة من المفوضية السامية لحقوق الانسان بأن الهدف من الاستعراض الدوري الشامل هو تحسين حالة حقوق الإنسان في كل بلد وتم تصميمه للمطالبة ودعم تعزيز وحماية حقوق الإنسان على أرض الواقع. ولتحقيق ذلك، يقوم الاستعراض الدوري الشامل بتقييم سجلات حقوق الإنسان للدول والتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان أينما وجدت،وهو يهدف أيضا إلى تقديم المساعدة التقنية للدول وتعزيز قدرتها على التعامل بفعالية مع تحديات حقوق الإنسان وتبادل أفضل الممارسات فيما بين الدول وأصحاب الشأن الآخرين.
كما تذكر هذه الأدبيات بأن الاستعراض الدوري الشامل يستند في تقييمه الى وثائق وتقارير من ثلاث مصادر رئيسيه هي:
1) المعلومات التي قدمتها الدولة قيد الاستعراض، والتي يمكن أن تتخذ شكل “التقرير الوطني”.
2) المعلومات الواردة في تقارير الخبراء المستقلين في حقوق الإنسان، والمعروفة باسم الإجراءات الخاصة، والهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان، وكيانات الأمم المتحدة الأخرى.
3) المعلومات من الجهات المعنية الأخرى بما في ذلك المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية.
تتم المراجعات من خلال مناقشة تفاعلية بين الدولة التي هي قيد الاستعراض والدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتحدة وخلال هذا النقاش يمكن لأي دولة عضو في الأمم المتحدة طرح الأسئلة والتعليقات أو تقديم توصيات إلى الدول التي قيد الاستعراض، كما يمكن للمنظمات غير الحكومية المشاركة في عملية الاستعراض الدوري الشامل عبر تقديم المعلومات التي يمكن أن تضاف إلى تقرير “أصحاب الشأن الآخرين” والتي يتم الأخذ بها أثناء الاستعراض، وتستطيع المنظمات غير الحكومية حضور جلسات الفريق العامل في الاستعراض الدوري الشامل، ويمكن الإدلاء ببيانات في الدورة العادية لمجلس حقوق الإنسان عند النظر في نتائج الاستعراضات.
يتم في الاستعراض الدوري الشامل تقييم مدى احترام الدول بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان المنصوص عليها في: (1) ميثاق الأمم المتحدة؛ (2) الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ (3) صكوك حقوق الإنسان التي تكون الدولة طرفا فيها (معاهدات حقوق الإنسان التي صادقت عليها الدولة المعنية)؛ (4) التعهدات الطوعية والالتزامات التي تعهدت بها الدولة (مثل سياسات أو برامج وطنية لحقوق الإنسان تنفذ)؛ (5) ما ينطبق من القانون الإنساني الدولي.
بعد مراجعة من قبل الفريق العامل، يتم إعداد تقرير اللجنة الثلاثية (المعروفة بالترويكا) بمشاركة الدولة قيد الاستعراض وبمساعدة من المفوضية السامية لحقوق الانسان. يقدم هذا التقرير الذي يشار إليه باسم “تقرير النتائج”، ملخصاً للمناقشة الفعلية، ويتكون من الأسئلة والتعليقات والتوصيات التي تقدمها الدول إلى الدولة قيد الاستعراض، مع ردود الدولة قيد الاستعراض نفسها.
المسئولية الاساسية تقع على الدولة التي هي قيد الاستعراض لتنفيذ التوصيات الواردة في النتيجة النهائية، حيث الاستعراض الدوري الشامل يعمل على ضمان أن جميع الدول قيد الاستعراض مسؤولة عن التقدم أو الفشل في تنفيذ هذه التوصيات، وخلال الاستعراض الثاني فانه من المتوقع من الدولة التي هي قيد الاستعراض ان تقوم بتوفير المعلومات حول ما تم عمله على ارض الواقع لتنفيذ التوصيات المقدمة خلال الاستعراض الأول وكذلك التطورات الحاصلة في مجال حقوق الإنسان، حيث يقوم المجتمع الدولي بالمساعدة في تنفيذ التوصيات والاستنتاجات المتعلقة ببناء القدرات والمساعدة التقنية، بالتشاور مع البلد المعني. إذا لزم الأمر، يقوم المجلس بالنظر في الحالات التي تكون فيها الدول غير متعاونه، ويقوم مجلس حقوق الانسان باتخاذ قرار بشأن التدابير التي سوف تتخذ في حالة عدم التعاون المستمرة من قبل الدولة التي هي قيد الاستعراض.
البحرين كانت احدى الدول التي خضعت للاستعراض الدوري الشامل في العام 2008 ومن ثم العام 2012 حيث قام المجتمع الدولي الممثل في مجلس حقوق الانسان بإصدار 176 توصية للبحرين قبلت السلطة منها 145 توصية بصورة كاملة و 13 توصية بصورة جزئية ورفضت 18 توصية. من أهم توصيات الاستعراض الدوري الشامل السابق هو تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، وسيكون على السلطة ان تقف امام المجتمع الدولي لاثبات التزامها بالتوصيات عبر تنفيذها، حيث سيتعين عليها اثبات ذلك في تقريرها التي ستقدمه في الاستعراض الدوري الشامل القادم في شهر فبراير 2017، حيث يشكل مناقشة الاستعراض الدوري الشامل القادم في شهر مايو 2017 محطة مفصلية للمواجهة الحقوقية بين المجتمع الدولي والمدافعين عن حقوق الانسان من جهة والسلطة في البحرين من الجهة الأخرى.
لذلك فان التقارير الموازية للمنظمات الغير حكومية التي تم تقديمها في الموعد النهائي بتاريخ 22 سبتمبر تم فيها رصد وتوثيق جميع الانتهاكات الجسيمة في البحرين وكيفية تعاطي السلطة مع التوصيات المقدمة في الاستعراض الدوري الشامل السابق بشكل دقيق وذلك من اجل وضع المجتمع الدولي في الصورة للواقع الجاري وبالتالي الطلب بما يلزم لإيقاف الانتهاكات والجرائم الحقوقية ومحاسبة المتورطين فيها والعمل على الاجراءات اللازمه لتنفيذ و ذلك لتفادي حصولها مجدداً من خلال اتخاذ خطوات صارمة عند مناقشة الاستعراض الدوري الشامل القادم.
سلام للديمقراطية وحقوق الانسان ومع اقتراب موعد الاستعراض الدوري الشامل في مايو 2017 تؤكد على أهمية العمل المشترك والتنسيق والتواصل المكثف بين المهتمين بالشأن الحقوقي في البحرين من أجل إنجاح أهداف الاستعراض الدوري الشامل التي تتلاقى مع اهداف المؤسسات الحقوقية والنشطاء فيما يتعلق بالحالة الحقوقية في البحرين.
جدير بالذكر فقد نظمت منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الانسان وبالتعاون مع منتدى البحرين لحقوق الانسان ، ورشة عمل خاصة للاستعراض الدولي الشامل في الفترة من 16-17 ديسمبر 2015 في بيروت حيث تم دعوة خبراء ومختصين لتدريب النشطاء والمدافعين عن حقوق الانسان، أفراداً ومؤسسات، على فهم آليات العمل وكتابة التقرير الموازي والمتابعة في رصد وتوثيق الانتهاكات وتطبيق التوصيات وقد حضر هذه الورشة ممثلين عن عدة منظمات حقوقية في داخل البحرين وخارجها إضافة الى أصحاب الشأن من المهتمين بحالة حقوق الانسان في البحرين بشكل خاص.
سلام للديمقراطية وحقوق الانسان