لا تتوقف السلطات البحرينية عن انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان ومنها تسخير القضاء للانتقام من المعارضين بلا هوادة، حيث تم تجييرة لتصفية الحسابات مع المعارضة وزعمائها.
فقد حكمت محكمة الاستئناف العليا البحرينية بالسجن المؤبد ضد رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المحظورة من قبل السلطة ويشمل الحكم الجائر القياديين البارزين في الجمعية النائبين السابقين علي الأسود والشيخ حسن سلطان بتهم مزعومة وهي التخابر مع قطر من أجل القيام بأعمال عدائية داخل البحرين والإضرار بمركزها الحربي والسياسي والاقتصادي ومصالحها القومية والنيل من هيبتها واعتبارها في الخارج.
الجدير بالذكر بأن محكمة الدرجة الأولى برأت الشيخ علي سلمان ورفاقه من التهم سالفة الذكر في يونيو 2018 بعد تقديم النيابة العامة لمكالمات هاتفية واتصالات متجزئة وتركيب مقاطع على بعضها لمكالمات جرت مع رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم وتحويلها لملف قضائي لتصفية حسابات داخلية وخارجية.
إن فريق الدفاع عن الشيخ علي سلمان قدم للقضاء الاثباتات بأن مقاطع التسجيلات التي استدل بها الادعاء العام ضد سلمان ورفاقه كانت متجزأة، وخلت المحاكمة من معايير المحاكمات العادلة فلم تحقق المحكمة مع أطراف القضية مثل ملك البحرين وابنه ولي العهد بالإضافة أن مراقبة المكالمات قد تمت بشكل غير قانوني ، كما أن المرافعة التي كتبها الشيخ علي سلمان في السجن والتي تحتوي على ٤٥ صفحه قد صادرتها إدارة سجن جو ولم تسمح لسلمان بتقديمها للقضاء.
غير آن النيابة العامة استأنفت الحم في محكمة الاستئناف حيث صدر حكمها الجائر بالمؤبد بدون وجود أدلة جديدة مما يثبت للعالم أن القضاء في البحرين غير مستقل بل هوة أداة لتكريس الظلم عوض الحكم بالعدالة، هذا وقد دأبت السلطة البحرينية على تصفية حساباتها عبر القضاء ليس فقط ضد النشطاء والمعارضين بل تستخدمه لتصفية خلافاتها الدولية والإقليمية وحيثيات حكم المؤبد ضد الشيخ علي سلمان ورفاقه له أبعاد الخلاف مع قطر
علماً بأن جمعية الوفاق و قطر صرحوا بأن الاتصال الهاتفي بين أمينها العام الشيخ سلمان و رئيس الوزراء القطري السابق و وزير خارجيتها حمد بن جاسم كانت جزءاً من جهود الوساطة التي تمت بمعرفة كاملة من السلطات البحرينية وحلفاءها السعودية والولايات المتحدة، حيث أشاد وزير خارجية البحرين خالد بن احمد في لقاء تلفزيوني في حينه بالوساطة القطرية وقال بأن الأخيرة لعبت دوراً إيجابياً في محاولة لتهدئة الجماهيرالغاضبة التي اعتصمت في دوار اللؤلؤة في فبراير 2011، وفي تصريح متلفز لوزيرخارجية قطر الأسبق قال أنه تلقى اتصال من أمريكا عبر “جيفري فيلتمن” وطلب منه المساعدة في حل الازمه وطلب منه السفر الى البحرين واللقاء هناك مع الأطراف وفي نفس الوقت تلقى الوزير القطري اتصال من الوسيط السعودي الأمير سعود الفيصل وطلب منه اللقاء في البحرين، وبالفعل تم مقابلة ملك البحرين وتحدثوا حول الازمة ، والوزيرالقطري قال للملك بانه سوف يجري اتصال مع زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان، وفي نفس المقابلة صرح وزير الخارجية القطري بأن التسجيلات التي عرضتها السلطات البحرينية كدليل ضد الشيخ علي سلمان كانت متجزئة وإن هذه الاتصالات كانت بطلب من ملك البحرين وأن كل ما جرى من من لقاءات كانت بعلمه وكان هو طرفًا أساسيًا فيها. الى جانب ذلك فقد كان ولي العهد سلمان بن حمد مفوضاً من طرف العائلة الحاكمة للتحاورمع الشيخ علي سلمان حيث كان ممثلاً للمعارضة الوطنية في تلك الفترة.
منظمات حقوق الانسان وممثلي السفارات التي كانت تراقب القضية أجمعت على ان التهم كيدية وطالبوا بالافراج الفوري عن الشيخ علي سلمان، و في سبتمبر ٢٠١٥ قام فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي بدعوة السلطات البحرينية الافراج الفوري عن سلمان وتأمين حقه في الحصول على تعويض إلزامي من الحكومة.
هذا وقد وصفت منظمة العفو الدولية في بيان لها عقب الحكم الجائر الذي صدر من محكمة الاستئناف هذا الحكم بالسخرية من العدالة ويظهر جهود سلطات البحرين الدؤوبة وغير القانونية لإسكات كل أشكال المعارضة. الى جانب ذلك طالب منتدى البحرين لحقوق الإنسان الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان إلى تجميد عضوية البحرين في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ليكون متناسباً «مع تصاعد منسوبالانتهاكات المنهجية والأحكام التعسفية بما فيها أحكام الإعدام واسقاط الجنسية والاعتقالات التعسفية والتعذيب والقتل خارج اطار القانون والاضطهاد الديني والفشل في تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق ومجلس حقوق الانسان”.
الى جانب ذلك صرح وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية أليستربيرت قائلاً: «أنا قلق جداً على الحكم المؤبد الذي أصدرته محكمة الاستئناف في البحرين اليوم على الشيخ علي سلمان، بالإضافة إلى الحكم الذي يقضيه حالياً». مضيفاً بأنه يفهم أن الشيخ علي سلمان لديه الآن الحق في الطعن ضد الحكم الأخير وتواصل المملكة المتحدة تشجيع حكومة البحرين على الوفاء بالتزاماتها الدولية والمحلية المتعلقة بحقوق الإنسان.
في الختام دعت منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان السلطات في البحرين للكفّ عن تلفيق التهم ضد الشيخ علي سلمان والكفّ عن ملاحقة المعارضين والحقوقيين والنشطاء بسبب تعبيرهم عن آرائهم او انتقادهم لأداء السلطة او مطالبتهم بالإصلاح السياسي او التحول نحو الديمقراطية، وبناءً على ذلك، طالبت سلام المجتمع الدولي الضغط على السلطات البحرينية للكف عن اضطهاد المعارضة واستخدام القضاء في اصدار احكام تعسفية وجائرة، وعليها الفصل بين السلطات والوفاء بتعهداتها الدولية والشروع في حوار جاد مع المعارضة للوصول الى توافق سياسي لتحقيق الإصلاح الجذري المنشود، ويسبق ذلك الافراج الفوري وتحقيق العدالة الإنتقالية.
5 نوفمبر 2018