في اليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة الضحايا في البحرين لازالوا بانتظار تحقيق العدالة الانتقالية

المقدمة

يُحتفل العالم في يوم 24  مارس من كل عام باليوم الدولي للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا, و المقصود بذلك حق أهالي الضحايا في معرفة الحقيقة حول الانتهاكات التي حلت بأبنائهم و حق منظمات حقوق الانسان للدخول الى السجون السياسية للوصول الى المعلومة و الحقيقة , يحل هذا اليوم و مازالت السجون السياسية في البحرين تعج بالسجناء المظلومين و سط ادانات المجتمع المدني و الاممي و الدولي و لكن أيضا وسط عجز الجميع لوضع حد لانتهاكات حقوق الانسان في البحرين , و بين انتظار معرفة الحقيقة حول الحوادث التي حدثت مثل القتل بالرصاص و حوادث القتل تحت التعذيب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة مثل الاعتداءات الجنسية و الاعترافات تحت التعذيب , و لازالت تحديات جسام تواجه الافراد و المنظمات التي تحاول الوصول الى الحق في معرفة الحقيقة و فق قوانين حقوق الانسان و بهدف نقل البلاد من حالت انتهاكات حقوق الانسان الى احترام كرامة الضحايا على قاعدة معرفة الحقيقة لمنع حدوثه في المستقبل .

تسعى السلطة في البحرين الى  تحريف الحقائق لتضييع الحقوق حول الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي حدثت والتجاوزات الجسيمة للقانون الإنساني التي مازالت تحدث. نحن كمنظمة لحقوق الانسان نسعى لمنع التحريف التاريخي و عدم تضييع حقوق الضحايا سواء كانوا افراد او مجتمع متضرر, مثل ضحايا الإعدام بلا محاكمة والاختفاء القسري، والأشخاص المفقودون، والأطفال المختطفون، وضحايا التعذيب، يطالبون أو يطالب ذويهم بمعرفة ماذا حدث لهم أو لأقاربهم. ويعني الحق في معرفة الحقيقة، ضمنا، معرفة الحقيقة كاملة ودون نقصان في ما يتعلق بالوقائع التي يجب ان  يكشف عنها، والظروف المحددة التي أحاطت بها، ومن شارك فيها، بما في ذلك معرفة الظروف التي وقعت فيها الانتهاكات، وكذلك أسبابها. هذا الحق من شأنه تسهيل الحداد على الضحايا, و السماح للمتضررين بالتغلب على صدماتهم , و منع التحريف التاريخي.  

يناضل نشطاء حقوق الانسان في البحرين بأكثر من طريقة من آليات واساليب حقوقية لتغيير الصورة النمطية المتجذرة في ممارسات الحكومات و السلطات الاستبدادية, بحيث يصبح الحق في معرفة الحقيقة مكتوب في القوانين الوطنية بالتعاون مع رجال القانون بما يتماشى مع قانون حقوق الانسان, للبدء في مكافحة الإفلات من العقاب الي يجب أن يطال جميع المتورطين دون استثناء. 

لجان التحقيق الرسمية في البحرين

تم تشكيل عشرات لجان التحقيق في المخالفات ضد حقوق الانسان, لكن لم تخرج تلك الجان المثيرة للجدل بنتائج لصالح الضحايا , وفي الغالب تكون لجان صوتيه فقط ليس لها على الواقع وجود, و هي تشكل استجابة مشتركة لتكريس الظلم و منع من الوصول الى الحق في معرفة الحقيقة , وفي بعض المرات يتم تشكيل لجان تحقيق ويتم الإعلان عن أسماء أعضاء و لكن لا تكون هذه الأسماء من شخصيات من المجتمع المدني الذين لهم القدرة و المعرفة في اليات التحقيق و لكن تكون لجان مؤقته مكونه من شخصيات رسمية في الأغلب تكون هذه الشخصيات متورطة هي نفسها في انتهاكات حقوق الانسان . 

في فبراير 2011 وجه ملك البحرين خطاب متلفز وجهه الى البحرينيين و أمر بتشكيل لجنة تحقيق في الأحداث التي شهدتها البلاد و أسفرت عن مقتل شخصين و أكثر من 20جريحا . ولكن لم تخرج تلك الجنة بنتائج,   أيضا  في 10 فبراير 2022 وجه رئيس الوزراء  لتشكيل لجنة تحقيق حول ملابسات وفاة أحد المحكومين داخل سجن جو المركزي , وكلف وزير الداخلية بتشكيل لجنة التحقيق . ومن هنا نعرف بأنه ليست ثمة جدية في معرفة الحقيقة و في محاسبة المسؤولين, لا نتائج سوف تخرج لأنه ببساطة المسؤول الأول عن السجون في البحرين هو نفسه وزير الداخلية.

كما أنشأت الحكومة مؤسسات تحقيق حكومية دائمة مثل المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان و وحدة التحقيق الخاصة و الأمانة العامة للتظلمات و مفوضية حقوق السجناء , لكن من خلال المتابعة خلصنا الى أن  تلك المؤسسات لم تحرز أي تقدم في إجراءات التظلم المقدمة من الضحايا او ذويهم و من بينهم نساء تعرضن للعنف الجسدي و الجنسي .

سمحت حكومة البحرين الى اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق للتحقيق في جرائم حقوق الانسان الفظيعة التي حدثت في مارس 2011 , وقدمت تلك اللجنة توصيات و لكن لم يكن لتلك اللجنة تفويض لتحديد المسؤوليات الفردية .

سوف نكتفي بذكر مثال واحد فقط وهو لقتل المدون زكريا العشيري في سجن الحوض الجاف, وزارة الداخلية أعلنت في تاريخ 9 ابريل 2011 عن وفاة زكريا العشيري, و ان السبب هو توقف الدورة الدموية نتيجة مرض فقر الدم المنجلي. و لكن الشهود و اثار التعذيب و نتائج تحقيق لجنة بسيوني لتقصي الحقائق تقول أن زكريا العشيري قد فارق الحياة بسبب التعذيب , و بحسب شهادة المسؤول في منظمة سلام للديمقراطية و حقوق الانسان محمد سلطان الذي كان مع زكريا العشيري في نفس الزنزانة يقول أن جريمة قتل العشيري كانت متعمده . بعد كل تلك الحقائق المثبتة اضطرت الحكومة لمحاكمة عدد من افراد الشرطة في محاكمة صورية, و تم تبرأة الجناة, في الوقت الذي كان يجب محاكمة المسؤولين و على رأسهم وزير الداخلية , لكن هذا غير ممكن في البحرين لاسيما أن وزير الداخلية هو أحد افراد الأسرة الحاكمة في البحرين . وفي النتيجة لاتزال عائلة زكريا العشيري تنتظر معرفة الحقيقة حول لماذا و كيف ومن قتل ابنهم و للبدء في محاكمة الجناة و على رأسهم المسؤولين .

الإرادة السياسية

تفتقر حكومة البحرين الى الإرادة السياسية لتقديم  أولئك الذين يفترض أنهم مسؤولون عن انتهاكات حقوق الانسان الى العدالة , بل على العكس غالبا ما تترافق تقارير الإبلاغ عن أسماء المسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان مع قرارات ترقياتهم بأوامر و مراسيم ملكية أو بعفو بحكم القانون كما حصل عندما أصدر ملك البحرين مرسوم بقانون رقم (56) لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (10) لسنة 2001 بالعفو الشامل عن الجرائم الماسة بالأمن الوطني

مادة (1) 

يقصد بكلمة ” الغير ” الواردة في الفقرة الثانية من المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم (10) لسنة 2001 بالعفو الشامل عن الجرائم الماسة بالأمن الوطني” كل مضرور من أية جريمة مما صدر بشأنها العفو الشامل وفقاً للمادة الأولى من هذا القانون”.

ويقصد بعبارة ” لا تسمع الدعاوى المترتبة عن العفو الصادر بموجب هذا القانون, والمراسيم والأوامر التي صدرت في هذا الشأن ” الواردة في ذات الفقرة “عدم سماع أية دعوى تقام أمام أية هيئة قضائية, بسبب, أو بمناسبة الجرائم محل العفو, أياً كان شخص رافعها, وأياً كانت صفة المقامة ضده, سواء كان مواطناً عادياً, أو موظفاً عاماً مدنياً أو عسكريا, وأياً كانت مساهمته في تلك الجرائم, فاعلاً أصلياً أو شريكاً, وذلك خلال الفترة السابقة على العمل بهذا القانون”

الجدير بالتذكير أن المقررين الخاصين و خبراء الأمم المتحدة سبق و أن تقدموا بي 23 طلب منذ عام 2011 حتى الان الى حكومة البحرين بشأن طلب زيارة للبحرين و لكن لم يتم قبول و لم يسمح لهم بزيارة البحرين 

التوصيات

منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الانسان تحث حكومة البحرين الى وضع حد لانتهاكات حقوق الانسان التي تطال الرجال والنساء والأطفال على حد سواء, و الذي جعل البحرين من الدول المنتهكة لحقوق الانسان و من بين الدول التي تخفي الحقائق وعدم إمكانية الوصول الى المعلومة والحقائق وجعل مرتكبي الجرائم خارج طائلة المسائلة, وأهم خطوة في هذا الاتجاه هو رفع القيود على الصحافة والصحفيين لأن دور الاعلام و الصحافة الاستقصائية هو تسليط الضوء على الجرائم للبدء في معالجتها وهو الشرط الرئيسي للتحول نحو الديمقراطية, والنشاط الإعلامي مهم في الفترة الانتقالية للتحقيق في ملفات الماضي بهدف معالجتها وانصاف الضحايا بعد معرفة الحقيقة و وضع حد للآفلات من العقاب, و نحث السلطات على احترام كرامة الضحايا بتبني مشروع للعدالة الانتقالية والعمل على اصلاح السلطة القضائية  وسن التشريعات التي من شأنها المحافظة على حقوق الضحايا  و توفير سبل الانصاف والعدالة الفعالة وجبر الضرر وكشف الحقيقة و توفير المساعدات والضمانات الكافية بعدم تكرار الانتهاكات و توفير نظام مستقل و فعال لحماية الضحايا و الشهود وفقا للمعايير الدولية . كما نحث على وضع برنامج فحص صارم للمسائلة المتعلقة بحقوق الانسان و التي يجب أن تطال الجميع و أن لا يكون احد فوق القانون او يتمتع بحصانه.