لا تزال السلطات الأمنية في البحرين تستخدم جريمة الاختفاء القسري كاستراتيجية لبث الرعب بين أفراد المجتمع ولقمع النشطاء وتخويف الناس من المطالبة بحقوقهم وللضغط السياسي على قوى المعارضة وعلى النشطاء والمواطنين.
إنّ المختفي قسريًا يفقد أبسط الحقوق المدنية حيث غياب المحامي وانتهاك القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء وانتهاك ضمانات المحاكمة العادلة، وحيث أيضًا يتعرض فيها الضحايا للتعذيب وسوء المعاملة واستغلال قانون الارهاب البحريني “قانون حماية المجتمع من الأعمال الارهابية” الذي يمنح الصلاحيات لمأمور القبض الجنائي المتمثل في جهاز الأمن الوطني اخفاء الضحايا قسرياَ، فيكون فيه الضحية المختفي محتجز مسلوب الحرية من قبل جهة رسمية أمنيه تابعة لوزارة الداخلية أو جهاز الأمن الوطني، ولا يستطيع الضحايا الاتصال بأسرهم ويبقى أهاليهم لا يعرفون أماكن الضحايا أو إذا ما كانوا أحياء أو أموات لمدد مختلفة، وفي أغلب الحالات تنكر مراكز الشرطة و مقر المخابرات البحرينية في العدلية وجهاز الأمن الوطني وجود الضحايا لديهم ويرفضون الكشف عن أماكن تواجدهم، وهذه ممارسة غير قانونية ومخالفة صريحة للقانون البحريني رقم (46) لسنة 2002 المادة (61) على انه لا يجوز القبض على انسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانونًا، كما يجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الانسان، ولا يجوز ايذاؤه بدنيًا أو معنويًا.
في حين أنه لا توجد مادة في قوانين البحرين تعتبر فيه الاختفاء القسري جرمًا جنائيًا حيث أن المادة 4 من اعلان الأمم المتحدة المتعلق بحماية الأشخاص من الاختفاء القسري تطلب من الدول أن تعتبر كل عمل من أعمال الاختفاء القسري جريمة بموجب القانون الجنائي، وكذلك المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية اعتبر الاختفاء القسري جريمة ضد الإنسانية، والجدير بالذكر أن النيابة العامة في البحرين والمحاكم لم تفتح أي نوع من أنواع التحقيق ضد وزارة الداخلية أو جهاز الأمن الوطني إزاء قضايا الاختفاء القسري.
ولقد منح القانون البحريني لحماية المجتمع من الأعمال الإرهابية الصادر بمرسوم رقم (68) لسنة 2006 الصلاحيات لجهاز الأمن الوطني احتجاز المتهم أو أكثر من متهم لفترة 28 يوم دون إذن من القضاء، وأعطى الصلاحيات لنيابة الجرائم الارهابية أن تصدر أمر الحبس في هذه الجرائم من المحامي العام أو من يقوم مقامه لمدة ومدد متعاقبة لا يزيد مجموعها على ستة أشهر.
وكمثال لضحايا الاختفاء القسري في البحرين ما حدث لكل من “سيد علوي حسين و فاضل عباس و محمد المتغوي و مبارك مهنا” الذين تعرضوا للاختفاء القسري لمدة تقارب العام، وتقدمت أسرة سيد علوي بشكاوى إلى “الأمانة العامة للتظلمات” و “وحدة التحقيق الخاصة” التابعين لوزارة الداخلية و مكتب المدعي العام، وفي 11سبتمبر2017 قدمت الأمانة العامة للتظلمات ردًا حول تقدم التحقيق قالت فيه ان علوي “نقلت المسؤولية عنه إلى سلطة أخرى خارج اختصاص ديوان المظالم”، و في 22 اكتوبر 2017 أعلنت وكالة الأنباء الرسمية أن علوي و ثلاثة اخرين كانوا رهن الاعتقال العسكري وأنهم يواجهون تهمًا تتعلق بالإرهاب وتم محاكمتهم في القضاء العسكري تحت قانون الارهاب وانتزعت اعترافاتهم تحت وطأة التعذيب الوحشي وتم الحكم عليهم بالإعدام، وفي اليوم التالي من تأييد محكمة التمييز العسكرية حكم الاعدام على المتهمين المذكورين قام ملك البحرين حمد بن عيسى الخليفة بتخفيف حكم الاعدام إلى السجن المؤبد.
ويتعرض الأطفال في البحرين أيضًا للاختفاء القسري فعلى سبيل المثال الطفل صادق جعفر السماك من منطقة عالي بلغ تعداد أيام اختفاءه 42 يومًا من 5 اكتوبر 2017 والطفل محسن عبد الله العالي من منطقة بوري بلغ تعداد أيام اختفاءه 8 أيام من 8 نوفمبر 2017، مما يعد هذا الأمر أيضًا مخالفة لاتفاقية حقوق الطفل.
إنّ سلام للديمقراطية وحقوق الانسان تندّد بالأساليب القمعية التي تتبعها السلطات البحرينية تجاه المواطنين والنشطاء.
إنّ السلطات البحرينية ضربت بعرض الحائط المطالبات الأممية والدولية بالكف عن سياسة الافلات من العقاب بخصوص انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ومحاسبة الضباط المحققين مع الضحايا والمسؤولين عن ارتكاب جريمة الاختفاء القسري، ووجدت سلام للديمقراطية وحقوق الانسان من خلال متابعتها لقضايا الاختفاء القسري في البحرين أن الضباط يصرّحون للضحايا انه “لا أحد يستطيع انقاذهم وان بإمكانهم قتل الضحايا ودفن الجثث او رميها في البحر وأنهم أعلى سلطة في البلاد وأن القضاء واقع تحت سيطرتهم”.
وأكدّت تقارير الأمم المتحدة ممارسة البحرين لجريمة الاختفاء القسري وفي تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة بخصوص مراجعة التزام البحرين بتعهداتها لاتفاقية العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أعربت عن قلقها ازاء التقارير التي تفيد بقيام قوات الأمن باعتقال واحتجاز تعسفي خارج نطاق القانون بما في ذلك الحبس الانفرادي بمعزل عن العالم الخارجي دون إمكانية الاتصال بمحام أو بالأسرة.
كما ويعاني أسر ضحايا الاختفاء القسري في البحرين ضغط نفسي شديد حيث لا يعرفون اذا كان على قيد الحياة ولا يعرفون مكان احتجازه وماهي ظروف احتجازه ولا حالته الصحية وما هي التهم الموجهة ضده، ويشعر أفراد الأسرة أنهم مهددون بملاقاة نفس المصير وقد يتم اختطافهم في أي لحظة، وأيضًا يواجه الأهالي ظروف اقتصادية صعبة في حال كان الضحية هو الشخص المعيل للأسرة حيث لا يوجد قانون بحريني يسمح للأسرة بتلقي أي معونات شهرية سواء فترة التحقيق مع الضحية أو بعد الحكم عليه سواء بالإعدام كما حصل مع سامي مشيمع و علي السنكيس و عباس السميع أو بالسجن أو اسقاط الجنسية أو الترحيل من البلاد.
ومن هذا المنطلق تطالب سلام للديمقراطية وحقوق الانسان السلطات البحرينية بالتالي:
- تعديل التشريعات الوطنية لتتوافق جوهريًا مع أحكام الاتفاقيات الدولية التي انضمت اليها البحرين.
- ضرورة التزام البحرين بتقديم تقاريرها الدورية إلى اللجان وخبراء الأمم المتحدة.
- ضرورة انضمام البحرين للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والالتزام بتقديم تقارير الى هيئة الخبراء المستقلين التي ترصد تنفيذ الدول الأطراف للاتفاقية.
- تدوين الاختفاء القسري كجريمة مستقلة موسعة النطاق واستبعادها من تطبيق قوانين العفو العام وجريمة لا تسقط بالتقادم.
- اجراء تحقيق ومقاضاة المسؤولين عن الاختفاء القسري في محاكم عادلة وضمان حصول الناجين والأشخاص الذين فقدوا أحبائهم الحق في جبر الضرر.