في الثامن عشر من يوليو من كل عام تحتفل الأمم المتحدة باليوم الدولي للزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا، وذلك اعترافاً بإسهامه في ثقافة السلام والحرية وتقديراً منها لما يتحلى به من قيم، ولتفانيه في خدمة البشرية وفي قضايا حقوق الإنسان ومناهضة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وتصدّيه أثناء فترة رئاسته للعنصرية المؤسساتية والفقر وعدم المساواة وتعزيز المصالحة العرقية.
لقد مكث مانديلا ٢٧ عاماً في السجن إلّا أنه بقي صامداً متطلعًا إلى الأمام ولم يستسلم نتيجة ظروف السجن القاسية.
إن منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان ترى إن أفضل تكريم لهذا الزعيم الكبير يحدث عبر تسليط الضوء على رجال ساروا على نهجه وناضلوا من أجل قيمه ومبادئه وهم بمثابة نيلسون مانديلا هذا العصر.
في البحرين، هنالك رجال تصدّوا بكل شجاعة لانتهاكات حقوق الإنسان ورفعوا أصواتهم للمطالبة بالحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية ولكنهم الآن يقبعون خلف قضبان السجون، ومن هؤلاء: الشيخ علي سلمان، نبيل رجب، وعبد الهادي الخواجة.
الشيخ علي سلمان “رجل السلام” يواجه السجن لمدة أربع سنوات بتهمة “التحريض على كراهية النظام” و “بغض طائفة من الناس” و ” إهانة وزارة الداخلية”، ولم يخضع سلمان للإغراءات ولم يخضع للتهديد وبقي صامداً واضعًا نصب عينيه ذات القيم والمبادئ الذي ناضل من أجلها نيلسون مانديلا، واعتبرت منظمات حقوق الإنسان الدولية مثل منظمة العفو الدولية و هيومن رايتس ووتش و الأمم المتحدة الشيخ علي سلمان مناضل من أجل الحرية والعدالة والمساواة وطالبت السلطات البحرينية مراراً وتكراراً بالإفراج الفوري عنه، لكن استمرت السلطات البحرينية في استهداف الشيخ علي سلمان وهو يواجه تهم “التخابر مع دولة قطر” التي تصل عقوبتها للإعدام حسب القانون في البحرين، ففي ٢١ يونيو ٢٠١٨ برّأ القضاء في البحرين سلمان من هذه التهمة ولكن النيابة العامة عملت على استئناف حكم البراءة وستبدأ محكمة الاستئناف أولى جلساتها بتاريخ 5 سبتمبر 2018.
أما الحقوقي البارز نبيل رجب فقد منحته بلدية العاصمة الفرنسية باريس في الشهر الماضي لقب مواطن فخري لنضاله ولشجاعته ودفاعه المستمر عن حقوق الانسان، ويعتبر نبيل رجب الشخصية الـ 18 التي يتم منحها هذا اللقب الفخري من بلدية باريس والتي دأبت على منحه منذ عام 2001 لناشطين حقوقيين وزعماء عرفوا بنضالهم السلمي وبدفاعهم عن الحريات وحقوق الإنسان ومقاومتهم لكل أشكال التمييز والعنصرية، ومن بين الشخصيات العالمية التي حظيت بهذه الجائزة نيلسون مانديلا نفسه وذلك في عام 2013.
إنّ نبيل رجب يسجن الآن بتهم تتعلق بحرية الرأي والتعبير وإحدى القضايا التي يدفع ضريبتها هي نتيجة انتقاده للضربات الجوية بقيادة السعودية في اليمن والتي قصفت المستشفيات ودور العبادة وقتلت الأبرياء وخلّفت المجاعات، كما ويواجه السجن بتهمة أخرى نتيجة انتقاده التعذيب في سجون البحرين، ولأنه عبّر عن رأيه وانتقد انتهاكات حقوق الانسان الحاصلة في البحرين عبر الصحافة الدولية.
طالب رجب حكومة البحرين مراراً وتكراراً باحترام قواعد نيلسون مانديلا النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، لكن الواقع أن السلطات البحرينية تمارس سياسات انتقامية ضد المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي وتضع السجناء تحت ظروف قاسية خلافًا لقواعد الأمم المتحدة المتعلقة بمعاملة السجناء وقواعد نيلسون مانديلا، وتستمر السلطات البحرينية بالمعاملة الغير إنسانية للسجناء إضافة للمضايقات التي يتعرض لها المعتقلين السياسيين والحقوقيين والحرمان من الرعاية الطبية والقيود المفروضة على اتصالاتهم التي تنتهك معايير حقوق الإنسان وقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا)، فوفقاً للمادة 1 من قواعد نيلسون مانديلا: “لا يجوز إخضاع أي سجين للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والتي لا يجوز التذرع بأي حال من الأحوال على أنها مبرر لها”.
أمّا عبد الهادي الخواجة فهو مناضل عنيد آخر في البحرين وهو حقوقي دولي بارز والرئيس الأسبق لمركز البحرين لحقوق الإنسان ويقضى حكماً بالسجن المؤبد قضى منه 7 سنوات في سجن جو المركزي، حيث حكمت عليه محكمة عسكرية بحرينية بالسجن مدى الحياة بعد محاكمة جائرة تشوبها مزاعم جدية وذات مصداقية بشأن التعذيب.
إنّ كل من الشيخ علي سلمان ونبيل رجب وعبد الهادي الخواجة وغيرهم الكثير هم زعماء وعظماء وأبطال عالميين كرسوا حياتهم لخدمة الإنسانية وصانعوا سلام وهم الآن كذلك سجناء ضمير، لقد اختار هؤلاء المسار المحفوف بالمخاطر والسجون وفراق أحبتهم ليلهموا الناس كيف يكون الكفاح ضد الظلم والاستبداد، وهم نيلسون مانديلا العصر ومن يلهمون الناس كيف يكون الثبات والشجاعة والصبر للوصول إلى العدالة والمساواة ورفض الذل والخنوع وتحقيق الحقوق، وكما تغيرّت حياة الكثيرين بفضل نيلسون مانديلا ستتغير حياة الكثيرين في البحرين بفضل شجاعة الشيخ علي سلمان ونبيل رجب وعبد الهادي الخواجة وغيرهم من الأبطال.
إنّ سلام للديمقراطية وحقوق الانسان تطالب السلطات البحرينية بالكفّ عن التعرض للحقوقيين والسياسيين والاعلاميين وعموم النشطاء بسبب أنشطتهم الرافضة للظلم والاستبداد ومطالبهم الحقوقية وتدعو لإطلاق سراحهم وإنصافهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم والاعتراف بهم كرموز وطنية تحمل على عاتقها همّ الوطن ومصلحته.