بقلم: محمد خليل
صدر يوم الخميس الماضي بتاريخ ١١ مارس ٢٠٢١ قرار عن البرلمان الاوروبي بالغالبية الساحقة يدين فيه الانتهاكات الجسيمه لحقوق الانسان في البحرين ويطالب بجملة من الخطوات والاصلاحات التي تساهم في تحسين حالة حقوق الانسان وتؤسس لمرحلة حوار يفضي لحلول سياسية تنهي الأزمة التي يعيشها البلد منذ عشر سنوات.
أبرز ما ورد في القرار الأوروبي المطالبة بتعليق احكام الاعدام واطلاق سراح معتقلي الرأي والمدافعين عن حقوق الانسان وفي مقدمتهم قيادات المعارضة، وتضمن القرار مطالبة بالتوقف عن ممارسات التعذيب والانتقام من المعارضين وكذلك منع استهداف المدافعين عن حقوق الانسان، والسماح للجمعيات السياسية المعارضه التي تم حلها وعلى رأسها جمعية الوفاق الوطني الاسلامية وجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) بالعودة لممارسة نشاطها، وكذلك عودة صحيفة الوسط مما يؤسس لمناخات ايجابية تساهم في اطلاق عملية حوار سياسي.
هذا القرار “غير الملزم” يحمل في طياته دلالات مهمه قد تختلف عن سابقاتها من القرارات، أولى هذه الأمور انه جاء بعد عشر سنوات من الحراك المطلبي في البحرين وفي الوقت الذي يروج فيه الكثيرون ان الازمة السياسية انتهت وان المطالب أجهضت، فجاء هذا القرار ليؤكد ان هذه الازمة بحاجه لحلول حقيقيه وليس لتجاهلها.
ثاني المتغيرات في هذا القرار أنه يأتي كأول قرار دولي منذ تولي ولي العهد رئاسة مجلس الوزراء وقد ورد في القرار تشجيع مباشر من البرلمان الاوروبي لولي العهد رئيس الوزراء باستخدام سلطته لتحسين اوضاع حقوق الانسان في البحرين واطلاق حوار وطني وعملية اصلاح سياسي واسعه، وقد أتى هذا القرار بعد فترة وجيزة من حديث ولي العهد عن تغيير سياسة الادانة في المحاكم والتي اعتمدت على الاعترافات المنتزعه بالاكراه لتلحظ الأدله الماديه وهو امر اعتبره الحقوقيون تطور مهم يبنى عليه في حال تم تنفيذه.
الردود الانفعالية الصادرة من افراد وجماعات ومؤسسات تابعة للسلطة وموالين لها التي شهدناها مؤخراً لن تغير شيئا في الواقع، بل هي ردود نابعه عن تزلف للسلطه و كيدية سياسيه وهي غير مؤثره على الاطلاق، إذ أن القرار بيد صاحب القرار وليس هؤلاء، وإن قراءة بعيدة عن الانفعال محبه لمصلحة الوطن سترى في القرار الاوروبي خارطة طريق تنهي مفاعيل هذه الازمة المتأصله في الواقع البحريني، وهي ذات العناوين التي دعت لها المعارضة كمنطلق نحو تفاهمات تلحظ خير الوطن وصلاحه وترسي حالة الاستقرار الدائم وتغلق الباب امام اي امور مماثله.
ما عشناه طوال العشر سنوات من أزمة لم يكن أمرا مصطنعا من المعارضة، بل هو انعكاس للواقع المأزوم، والحلول التي تبنتها المعارضة لم تكن ترفا فكريا ورغبة في التسلط بل لامست جوهر المشكله وتبنت نهج الحوار من أجل الوصول لتوافقات، والانتهاكات الواردة في التقارير الدولية ليس خيالاً بل هو واقع لامسه الضحايا ونقلوه لمن يثقون به، فالحل المنطقي بالنظر في هذه الدعاوى لا بانكارها والتغاضي عنها، والصحيح بالمبادرة لحلحلة هذه الملفات التي أثقلت كاهل الوطن وبشكل جذري فهي كالجمر تحت الرماد، فأما أن يشكل القرار الاوروبي منطلقا للحل او يكون مادة للتحريض وبث الكراهية وتكذيب الوقائع ونبقى في ذات الدوامه.
*محمد خليل حقوقي وضحية تعذيب