01/03/2017
تحدي المديونية العامة في البحرين
السيد الرئيس
تعاني البحرين من تحدي المديونية العامة المرتفعة بسبب الخيارات غير الصائبة للحكومة مثل المبالغة في الصرف على الأمور الأمنية والعسكرية وسوء التخطيط بالنظر لغياب الحكم الرشيد والتفرد بالسلطة وغياب الرقابة والمحاسبة.
فإستناداً لأحدث الإحصاءات الرسمية، يبلغ حجم الدين العام قرابة 23 مليار دولار ما يمثل 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مع فرضية ارتفاع مستوى الدين في المستقبل المنظور.
يشكل هذا الرقم نحو 72 بالمائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين الأمر الذي يتناقض مع أحد شروط مشروع الاتحاد النقدي الخليجي (والبحرين عضو في المشروع) والذي يقيد الدين العام عند حد 60 بالمائة للناتج المحلي.
وحتى نهاية فبراير 2017، لم تصدر السلطة موازنة السنتين الماليتين 2017 و 2018 ما يشكل عبئاً على ادارة المالية العامة للدولة وينال من إمكانية تنفيذ المشاريع التنموية. وقد وصل الحال إلى سعي الحكم في البحرين إلى مد اليد بصورة غير لائقة إلى بعض الدول الخليجية بغية الحصول على الدعم المالي حتى يتسنى الإعلان عن الموازنة العامة، وذلك على حساب الاستقلال الاقتصادي للبلاد.
سبب رئيسي للعجز في الموازنة العامة (والذي يقدر بنحو 40 بالمائة من قيمة النفقات العامة حسب أرقام 2016) مرده الصرف المبالغ على المسائل الأمنية والعسكرية. توجد في البحرين أربع مؤسسات أمنية وعسكرية تنفق فيما بينها نحو ثلث الموازنة العامة. هذه المؤسسات أو بالأحرى الوزارات هي 1) وزارة الدفاع 2) وزارة الداخلية 3) الحرس الوطني 4) جهاز الأمن الوطني. علماً بأن الحكومة لا توظف أغلبية المواطنين في هذه المؤسسات.
للأسف، تشهد المصاريف الأمنية والعسكرية المزيد من الارتفاع في ظل توجهات السلطة بالتركيز على الحل الأمني وليس السياسي للأزمات المتفاقمة التي تواجه البحرين منذ انطلاق الحراك الشعبي في 2011 . حديثاً، وسّعت السلطة صلاحيات القضاء العسكري لمحاكمة المدنيين. كل هذا في الوقت الذي تصر فيه القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وجهات دولية أخرى وكذلك دول أعضاء في مجلسكم الموقر على الحوار السياسي والتفاوض بين الأطراف ذات العلاقة لتحقيق المطالب الشعبية من أجل المشاركة في صنع القرار وإدارة شؤون البلاد.
وفي هذا الصدد، يلاحظ بأن المؤسسات المالية الدولية غير راضية من طريقة الإدارة المالية العامة للبلاد بدليل التصنيف الممنوح للبحرين في بعض المؤشرات الحيوية. لدى البحرين أسوأ الدرجات في مجال الملاءة المالية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. تحتفظ وكالة موديز بنظرة مستقبلية سلبية للاقتصاد البحريني. بدورها، أقدمت مؤسسة (ستاندرد آند بورز) بتقليص المستوى الائتماني للبحرين نهاية 2016 إلى (بي بي ناقص). ويترجم هذا إلى أن الأدوات الاستثمارية التي تصدرها البحرين لا ترتقى إلى المستوى الاستثماري.
وكدليل على نقص الشفافية وتفشي الفساد، أقدمت منظمة الشفافية الدولية حديثاً على تخفيض تصنيف البحرين على مؤشر العام 2016 بواقع 20 مرتبة وصولا للمرتبة 70 دولياً. يعد هذا التراجع كبيراً وغير مقبولاً في غضون سنة واحدة ومرده تفاقم معضلة المالية العامة.
في إطار البحث عن بضع الحلول لأزمة المالية العامة، تبنت السلطة خيارات ومن جهة واحدة دونما النظر للتداعيات على الوضع المعيشي للناس. من جملة الأمور، تم رفع سعر البنزين الممتاز بنسبة 60 بالمائة وكذلك بعض المواد الإستهلاكية الأساسية بين ليلة وضحاها وبقرار حكومي ما أثر سلباً على نوعية المعيشة بالنسبة للمواطنين والوافدين على حد سواء ما شكل انتهاكا لحقوقهم.
في الختام نوصي بأهمية تبني مبادئ الحكم الرشيد والفصل بين السلطات والشفافية حفاظاً على المصالح الاستراتيجية للوطن والمواطن في البحرين.