بعد ثمانين يومًا على استخدامها لإجراءات أمنية قاسية في بلدة العوامية بالمنطقة الشرقية وفرضها الحصار عليها، ضاعفت القوات السعودية خلال اليومين الماضيين من ارتكاب تجاوزاتها بحق سكان المنطقة، مستخدمة في ذلك الآليات العسكرية والقذائف الصاروخية ونيران الأسلحة الرشاشة ناهيك عن آليات الهدم وقطع الكهرباء عن البلدة مما أدى الى شل الحركة المدنية في منطقة العوامية، كما وسّعت اعتقالاتها وضيقت الخناق على الأهالي والمقيمين بعد عدم استجابة أجهزة المطافئ والإسعاف لإستغاثات الأهالي، ما أدّى إلى موجة نزوح قسري جديدة من البلدة. علماً بأن عدد القتلى من المدنيين والعسكريين تجاوز 26 قتيل بينهم أطفال وعدد من الوافدين المقيمين، إضافة الى أعداد كبيرة من الجرحى والمعتقلين.
إزاء ذلك، تعرب المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان عن خشيتها من تحوّل بلدة العوامية لساحة استباحة حقوقية، خصوصًا أنّ ما تتعرّض له البلدة، هو جزء من سياسةٍ انتقاميّة تمارسها السلطات السعودية بحقّ منطقة القطيف بشكل عام، والمكوّن الشيعي بشكلٍ خاص، وذلك كعقابٍ ممنهج له لمطالبته بحقوقه الوطنية البديهية والطبيعية بالإصلاح السياسي، وهو ما تؤكده الاعتقالات العشوائية والتعسفية للمدنيين القاطنين في هذه المنطقة، فضلاً عن أحكام الإعدام التي تصدر بالعشرات على خلفية سياسية، من دون أيّ اعتبار لإدانات المجتمع الحقوقي الدولي.
وفيما تستغرب المنظمات استخدام السلطات السعودية للأسلحة الثقيلة في سياق حملتها الأمنية على البلدة المحاصَرة، فهي تدين أيضًا جرائم القتل خارج إطار القانون التي ترتكبها السلطات بحقّ المواطنين والمدنيين، وهي تعتبر أنّ هذه الجرائم غير مبرّرة، علمًا أنّه حتى في حال كان الضحايا مطلوبين للدولة على حد زعمها، فليس من حقّ السلطات انتهاك حقهم في الحياة وإجراء محاكمات عادلة.
وتدقّ المنظمات الحقوقية ناقوس الخطر، خصوصًا أنّ الحصار المستمرّ منذ ثمانين يومًا على العوامية لم يقابَل سوى بالصمت الدولي، رغم أنّ السلطات الأمنية مازالت تضغط في سبيل الإخلاء القسري للمنطقة لأسباب سياسية وانتقامية وغير قانونية، وهو يضع ما يحصل في العوامية وغيرها في سياق الاضطهاد الطائفي الذي تمارسه السلطات السعودية بحق الأقلية الشيعية خصوصاً والتهجير القسري بحق أهالي المنطقة والمقيمين فيها عموماً، الأمر الذي توثّقه المنظمات الحقوقية العالمية بإستمرار.
ومن هنا، تطالب المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان المجتمع الدولي لعدم الوقوف متفرّجاً على ما يحصل، وغضّ النظر عن المصالح السياسية والمالية الضيّقة التي تربط بعض الدول مع المملكة العربية السعودية، والالتزام بمعايير حقوق الإنسان التي تدّعي إيلاءها أولويتها القصوى، وبالتالي الضغط على الحكومة السعودية لوضع حدّ لهذه الانتهاكات، واحترام المعاهدات والمواثيق الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان، ولا سيما منها التي وقّعت عليها. كما تطالب المنظمات الأمم المتحدة بالتدخل العاجل وإرسال لجنة تحقيق دولية لوقف هذه الإنتهاكات ولتقصي الحقائق.
والمنظمات الحقوقية الموقعة هي: ” المنظمة السعودية للحقوق والحريات، معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان، منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان، منتدى البحرين لحقوق الإنسان”