منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان: حكومة البحرين تمارس العزل المدني بعد العزل السياسي

اعتبرت منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان ما ‏قامت به الحكومة البحرينية متمثلة بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية باستبعاد عشرات الأسماء من المتقدمين للترشح لإدارة الجمعيات الخيرية وجمعيات المجتمع المدني هو تجاوز للقوانين المحلية والدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية المقررة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو تعسّف في استخدام القوانين المحلية التي تنظم العمل الخيري ونشاط منظمات المجتمع المدني، ومحاولة لتقييد الحقوق المدنية وتجريد الجمعيات من استقلاليتها.

وأضافت “سلام” أنه في نوفمبر 2021 رفضت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ترشح عدد 14 شخصا من أصل 16 عضوا تقدموا لانتخابات صندوق سار الخيري للدورة 2022- 2033. وتم قبول عضوين فقط. وفي 2 ديسمبر استلم صندوق سار الخيري خطاب من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية يفيد بالموافقة على 4 مرشحين آخرين، ليصبح عدد من تم قبول ترشحهم 6 من أصل 16 شخصا تقدموا بطلب الترشح لانتخابات صندوق سار الخيري. ومن جهة أخرى رفضت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية طلب ترشح 30 شخصاً من أصل 34 على ثلاث دفعات، وفي يناير 2020 تم استبعاد عضوتين من مجلس إدارة الإتحاد النسائي البحريني من قبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.

وتوصي “سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان” حكومة البحرين برفع كل القيود وتعديل كل القوانين المقيدة للعمل الخيري والمدني وإلغاء قانون رقم 36 لسنة 2018 بتعديل المادة 43 من قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة الصادر بالمرسوم بقانون رقم 21 لسنة 1989والتي اشترطت في أن يكون عضو مجلس الإدارة متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية. وعدم التجاوز في تنفيذ القانون – المنتهك لحقوق الأفراد أساساً – وذلك بالتوسع في تنفيذه على القيادات والأعضاء الفاعلين وغير الفاعلين في الجمعيات المنحلة. 

خلفية الموضوع:

تم تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية عام 2018 بموجب القانون رقم 25 لسنة 2018 لمنع عدد كبير من المواطنين من حق الترشيح والترشح في انتخابات 2018 في عملية واسعة هدفت في الأساس إلى مصادرة الحقوق السياسية عبر عزل سياسي ضد كل أعضاء الجمعيات السياسية. ثم اتبعه بتعديل آخر في ذات السنة على قانون الجمعيات والأندية حمل الرقم 36، بوضع شرط جديد على المترشحين لشغل إدارات الجمعيات والأندية بأن يكونوا متمتعين بحقوقهم السياسية.

حيث جاء في المادة الأولى من القانون أنه “يستبدل بنص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية، النص الآتي، ويمنع من الترشيح لمجلس النواب كل من:

  • المحكوم عليه بعقوبة جناية حتى وإن صدر بشأنه عفو خاص عن العقوبة أو رد إليه اعتباره.
  • المحكوم عليه بعقوبة الحبس فى الجرائم العمدية لمدة تزيد على ستة أشهر حتى وإن صدر بشأنه عفو خاص عن العقوبة.
  • قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية الفعليين المنحلة بحكم نهائي لارتكابها مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو أي قانون من قوانينها. 
  • كل من تعمد الإضرار أو تعطيل سير الحياة الدستورية أو النيابية وذبك بإنهاء أو ترك العمل النيابي بالمجلس أو تم إسقاط عضويته لذات الأسباب.

لذا وفي ضوء ذلك تم استبعاد الاف المواطنين في البحرين من حق الانتخاب والترشيح في انتخابات العام 2018، بمن فيهم المحكومين في قضايا ذات خلفيات سياسية مثل المشاركة في المسيرات والتجمعات، وقضايا كثيرة تتداخل مع حرية الرأي والتعبير، إلى جانب آلاف المواطنين المنتمين لجمعيات سياسية تم حلها بمواقفها المعارضة لسياسية الحكومة، سواء من قيادات الجمعيات السياسية أو العاملين فيها أو الأعضاء لمجرد كونهم أعضاء في هذه الجمعيات. وقد تبع هذا التعديل تعديل آخر في ذات السنة على قانون الجمعيات والأندية حمل الرقم 36، بوضع شرط جديد على المترشحين لشغل إدارات الجمعيات والأندية بأن يكونوا متمتعين بحقوقهم السياسية.

ولما كان ذلك يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان وما قررته المواثيق الدولية من الحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة للدولة، وحق التعبير عن الرأي وحق الاشتراك في التجمعات والجمعيات السلمية، وكذلك المساس بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للأفراد، فهو يتعارض في ذات الوقت مع الحقوق والمبادئ التي نص عليها دستور مملكة البحرين في المواد التالية: 

المادة 4: المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة.

المادة 18: الناس سواسية في الكرامة الإنسانية ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.

المادة 31: لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون، وبناء عليه، ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية.

أما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فحدد في المادة 25 منه التزامات الدول الأطراف فيما يتعلق بحق الفرد في أن يشارك في إدارة الشؤون العامة وفي أن يَنتخب ويُنتخب في انتخابات دورية نزيهة، وأن تُتاح له فرصة تقلد الوظائف العامة على قدم المساواة مع غيره. والمادة 25 يكملها التعليق العام التفسيري والاجتهادات التي اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان. وتحتوي صكوك دولية أخرى لحقوق الإنسان على أحكام مماثلة. وتتضمن هذه الصكوك الإعلان الدولي لحقوق الإنسان (المادة 21)، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري.

إن عزل شريحة كبيرة من المواطنين من المشاركة السياسية أو الاجتماعية هي عقوبة تطال آلاف المواطنين على فعل مشاركتهم في جمعيات سياسية عندما كانت تلك الجمعيات مرخصة والقوانين سالفة الذكر سمحت للحكومة بتجريم ومعاقبة المواطنين على فعل ارتكبه قبل أن يتم تجريمه. وعلى فعل لا يجب اصلاً أن يكون جريمة بل هو حق كفلته المواثيق الدولية وكفله الدستور البحريني.

.