في 5 يونيو الحالي، أعلنت المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين والإمارات العربية المتحدة وعدد آخر من الدول قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر، كما قامت بغلق كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية أمام الحركة القادمة والمغادرة إليها. وأمرت الدول الثلاث المواطنين القطريين بمغادرة أراضيها في غضون 14 يومًا، ومنعت مواطنيها من السفر والإقامة والمرور عبر قطر، كما طالبت رعاياها بالعودة، ملوّحة بعقوباتٍ ضدّ أيّ مواطن لا يلتزم بالأمر.
بالتزامن مع ذلك، أصدرت السلطات في الدول الثلاث قرارات بتجريم الإعتراض على موقفها والتعاطف مع قطر، حيث اعتبرت هذه الدول أنّ إبداء التعاطف أو الميل أو المحاباة تجاه قطر، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي بتغريدات أو مشاركات، أو بأيّ وسيلة أخرى قولاً أو كتاباً، يُعَدّ جريمة يعاقَب عليها بالسجن الذي قد يصل إلى 15 سنة، والغرامة المالية التي لا تقل عن 500 ألف درهم مثلاً في الإمارات.
إزاء ما تقدّم، تعرب المنظمات الحقوقية الموقّعة على هذا البيان عن خشيتها الشديدة على التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والحقوق المدنية التي يمكن أن تلحقها مثل هذه القرارات على شعوب المنطقة بأسرها، وليس الشعب القطري فحسب، خصوصًا أنّ أكثر من 11000 مواطن من البحرين والسعودية والإمارات العربية المتحدة يعيشون في قطر، كما يعيش أيضاً عدد كبير من القطريين في هذه الدول، وبذلك فقد العاملون من هؤلاء وظائفهم، مع إنتهاك حق التنقل من خلال هذا الحصار البري والبحري و الجوي على مواطنين دولة قطر إلى جانب مصادرة حق التعبير.
و بسبب الاجرائات الأخيرة التي أتخذتها دول الخليج فقد تم إنتهاك الكثير من الحقوق المدنية كحق التعليم من خلال طرد الكثير من طلبة الجامعات وتعطّل تعليم طلاب آخرين، من دون أن يحصلوا على أيّ ضمانات أو بدائل. كما أنّ العمّال المهاجرين ولا سيما الذين يستخدمهم القطريون لرعاية ممتلكاتهم في المملكة العربية السعودية سيجدون أنفسهم عالقين ومعرّضين للخطر بنتيجة هذه القرارات.
وتنبّه المنظمات الحقوقية إلى أنّ مثل هذه القرارات السياسية بإمتياز لا تأخذ بعين الاعتبار التشابك الحاصل بين هذه الدول التي تشكّل جزءاً من مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي فإنّ تداعياتها تشمل الأسر وترابطها بحدّ ذاتها، علمًا أنّ هناك العديد من حالات الزواج بين قطريين من جهة وسعوديين أو إماراتيين أو بحرينيين من جهة ثانية، وسيكون هؤلاء ملزمين بالابتعاد عن بعضهم البعض بموجب القرارات، وبالتالي سيكون الأولاد هم المتضرّرون من ذلك.
وفيما ترفض المنظمات الحقوقية التعليق على جوهر الأزمة الناشئة بين هذه الدول، باعتبارها سياسية أولاً وأخيراً، إلا أنّها ترفض توظيفها من قبل كلّ من السعودية والبحرين والإمارات لتعزيز سجلّها الحافل في قمع حرية شعوبها في التعبير عن الرأي، ولا ترى في التلويح بعقوبات ضدّ كلّ من يتجرّأ على الاعتراض على هذه القرارات سوى محاولة أخرى لإسكات أيّ صوت انتقاد، بما ينتهك القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان المعمول بها في كلّ دول العالم.
وإنطلاقاً من كلّ ذلك، تطالب المنظمات الحقوقية السلطات في كلّ من السعودية والإمارات والبحرين بوقف التدابير المخالفة لمبادئ حقوق الإنسان التي اتخذتها فوراً، لإنها أدت الى إلحاق الضرر الفادح بشعوب هذه الدول والمواطنين والمقيمين فيها. كما تدعوها إلى إنهاء مفاعيل قراراتها بتجريم أيّ فعل معبر عن حرية الرأي والتعبير فوراً، خصوصًا أنّ المطلوب من هذه الدول وكذلك دولة قطر معالجة وضع حقوق الإنسان فيها، لا تعزيز تدهوره أكثر فأكثر.
وتناشد المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا البيان المجتمع الدولي التحرك فوراً للضغط على هذه الدول، لتراعي حقوق الإنسان البديهية في تعاملها مع القضايا والنزاعات السياسية، بدل السعي لتسعير الخلافات أكثر وأكثر، كما أوحت بعض المواقف. وتعتبر المنظمات أنّ عدم تصدّي المجتمع الدولي لهذا الدور سيشجع هذه الدول في المضي في أساليبها المقيدة للحريات العامة، خصوصًا أنّ المرحلة التي سبقت هذه القرارات شهدت زيادة في معدّلات قمع الشعوب في العديد من هذه الدول.
منتدى البحرين لحقوق الانسان
سلام للديمقراطية وحقوق الانسان
معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الانسان
المنظمة الاوروبية البحرينية لحقوق الانسان
11 يونيو 2017