البحرين: رؤية علماء الدين الشيعة للإصلاحات والوحدة الإسلامية

منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان

بقلم جواد فيروز

23 أبريل/نيسان 2016- بروكسل، بلجيكا
المقدمة

يحتل علماء الدين الشيعة في البحرين مكانة بارزة في المجتمع البحريني، ويطالبون بإستمرار بحقوق متساوية لجميع المواطنين، مشددين على حرية الاعتقاد والرأي، وضمان حل القضايا الدينية للمواطنين البحرينيين الأصليين من الشيعة ضمن حدود الدستور والإتفاقيات الدولية المتعلقة بحرية الأديان والمعتقد.
العمل بموجب التشريعات الدولية والدستور البحريني

يسعى العلماء في البحرين العمل في إطار المواد المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي وقعت وصادقت عليه البحرين، وإعطاء المزيد من الأولوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

تنص المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشكل لا لبس فيه على أن:

لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
في حين يكرر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هذا المبدأ في المادة 18 من الإعلان. كما ينص الدستور البحريني لعام 2002 في المادة 22 على ما يلي:
“حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دُور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقا للعادات المرعية في البلد”.
وقد تكرر هذا تاريخياً وفقا للدستور السابق لعام 1973، تحت المادة نفسها.
يقف علماء الدين الشيعة في وجه الاضطراب الطائفي والقومي

عمل علماء الدين الشيعة في البحرين أيضا على معارضة الخطاب الطائفي الذي تثيره وسائل الإعلام الرسمية والمتعصبين، وناشدوا المحتجين على الإلتزام بالعمل السلمي في جميع المساعي من أجل التغيير في البلاد، بما في ذلك الانتفاضة الشعبية عام 2011، ودائماً ما يطرحون حلولاً سلمية للأزمات السياسية وأزمات حقوق الإنسان التي ظهرت مؤخرًا.

وقد عكس علماء الشيعة موقفهم الجماعي في العديد من المناسبات والمواثيق، بما في ذلك في بيان عام بعنوان “وثيقة البحرين للتسامح الديني والتعايش الاجتماعي”، والكثير غيرها.

وتنص المادتان 3 و7 من وثيقة البحرين للتسامح الديني والتعايش الاجتماعي على ما يلي:

3. الحوار هو وسيلة حضارية لحل الخلافات بين أتباع الأديان والمذاهب المختلفة. كما أنه أحد وسائل التفاهم والتقارب بين الشعوب المختلفة.
7. الكرامة والحرية الإنسانية والحقوق الشرعية هي عناصر مشتركة في حياة الإنسان، ومدعومة من قبل جميع الأديان.
الى جانب ذلك خرج علماء الدين الشيعة البارزين للعلن وأعلنوا عن حلولهم للأزمات المتنامية في البحرين، بدءاً من التضامن مع ضحايا التعذيب وعديمي الجنسية الى شجب إنتهاكات حقوق الإنسان الأخرى التي تم القيام بها.

في 18 يوليو/تموز 2013، صاغ وأصدر علماء الشّيعة “وثيقة الوحدة الإسلامية” على أمل الحد من أي أفكار متطرفة أو مذهبية في المجتمع البحريني. وتضمنت الوثيقة عشرة مبادئ سلمية تدعو إلى نبذ أي شكل من أشكال الإرهاب، كما تدين أي انتهاك ضد أي فرد. تنص ديباجة الوثيقة بشكل واضح في أحد المبادئ العشرة على رفض الفتنة الطائفية بكل قوة تجنيبًا للأمة من المنزلقات الطائفية والنزاعات المذهبية التي لا تنتج شيئًا إلا الضعف والفشل.
المبدأ الرئيسي لوثيقة الوحدة الإسلامية هو رفض إثارة الفتنة الطائفية ونبذ مثيريها من أي طرف كانوا.

الرّؤية والدّعوة للحوار

لطالما أعرب الشّيخ عيسى قاسم والشّيخ محمد الصّنقور في خطب الجمعة عن الحلول الّتي طرحها الوسط العلمائي في البحرين بالإضافة إلى المطالبة بوضع حد للانتهاكات، وتعتبر خطب الجمعة جانبًا مهمًا في حياة المسلمين، وتمتد إلى الأكثرية المسلمة في المجتمع البحريني. كما تمثل فرصة لعالم الدين ليعرض أراءه ويؤكد على مبادئه ومواقفه. يحضر صلوات الجمعة التي يقيمها الشيخ عيسى قاسم والشيخ محمد الصنقور المئات من الناس كل أسبوع، ويتابعها الشيعة في البحرين بتمعّن ويستمعون اليها.
وقد ذكر الشّيخ عيسى قاسم في إحدى خطب الجمعة أنّ على السّلطات البحرينية أن تضمن بيئة مؤاتية لنجاح حوار سياسي [بين الحكومة والمعارضة]، وأن تأخذ مسألة الحوار بجدية أكبر.

كما أكد أيضًا أنّه:
فيما يتعلق باستخدام العنف، قد ذكرت المعارضة من خلال طرق عديدة، ومن خلال إصدار وثيقة اللاعنف أنها لن تلجأ إلى أساليب العنف. وحان الوقت لأن تضبط السّلطات البحرينية أجهزتها الأمنية وتوقفها عن استخدام العنف.

أما وثيقة اللاعنف التي أشار إليها الشيخ عيسى قاسم، فقد أعلنت عنها المعارضة في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 وأقرها الوسط العلمائي في البحرين بالإضافة إلى النشطاء الحقوقيين والمدافعين البارزين عن حقوق الإنسان. ويشير إليها علماء الدين في البحرين باستمرار في الخطب التّي يلقونها، وتعتبر أساسًا لجميع الدعوات المطالبة بالحقوق وخطط الأنشطة المستقبلية.

خلال الشهر المنصرم، وتحديدًا في 7 مارس/آذار 2016، أصدر 39 عالمًأ بحرينيًا بارزًا بيانًا مشتركًا يوضح أنّ الشّعب البحريني “يطالب بمواطنة متساوية وليس بدولة مذهبية”. وأشار البيان إلى ضرورة وجود دستور ونظام حكم يتوافق عليه الشّعب البحريني. وسلّط البيان الضوء على حقيقة وجوب ان يكون القضاء في خدمة العدالة من خلال ضمان المواطنة المتساوية والحقوق والواجبات المسندة إليها، والقضاء على كل أشكال التمييز. وقد كرر كبار علماء الدين هذه العبارات، بصورة فردية ومنفصلة، كالشيخ الصنقور والسيد الغريفي.
وقد ألمح السيد الغريفي إلى أنه يمكن أن تؤدي ،المواطنة المتساوية بين جميع البحرينيين بالإضافة إلى تضييق الخناق على التمييز ،إلى حل الخلافات والقضايا الداخلية، قائلاً:
ستحقق المواطنة المتساوية دون تمييز قائم على أسس طائفية، بالتأكيد، التناغم بين جميع أطياف الشعب [البحريني].

علاوة على ذلك، أولى العلماء في البحرين اهتمامًا وثيقًا لأعمال الأمم المتحدة والهيئات ذات الصلة بما فيها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وقد طالب علماء الدين في البحرين الحكومة بالسماح لمقرر الأمم المتحدة المعني بالتعذيب بدخول البلاد، وحثوا الحكومة باستمرار على العمل بالنّصائح والانتقادات التي ذكرها المقررين الخاصين بحرية الدين أو المعتقد، والفقر المدقع وحقوق الإنسان، وفي مجال الحقوق الثقافية.

المطالب والحلول التي طرحها علماء الدين وتجاهلتها السلطات البحرينية

طالب علماء الدينالشيعة، بإستمرار وبإلحاح، بالتنفيذ الكامل والعاجل لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق ولتوصيات الاستعراض الدوري الشامل للأمم المتحدة. وقد كرر هذا المطلب الرئيسي الشيخ ميثم السلمان، وهو عالم دين بحريني ومدافع عن حقوق الإنسان تم استدعاؤه عدة مرات للتحقيق ويواجه اتهامات خطيرة بسبب مطالبته بحقوق عادلة ومتساوية، وباحترام الحريات، وبتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق.

للأسف، تقوم السلطات البحرينية بتجاهل مطالب العلماء رافضة أخذ رؤيتهم لحل أي قضية في البحرين بعين الاعتبار. وقد ذهبت السلطات البحرينية مؤخرًا أبعد من ذلك عندما شرعت بسحب جنسيات الذين تعتبرهم معارضين للحكومة وبترحيل علماء الدين والنشطاء والسياسيين قسرًا من البلاد، ومن بين علماء الدين هؤلاء الشيخ النجاتي، وهو عالم شيعي ولد ونشأ وعاش في البحرين، وقد تم سحب جنسيته في أبريل/نيسان 2014 وترحيله قسرًا من البلاد.

الخاتمة
ندعو المجتمع الدولي للوقوف وتبني مطالب علماء الدين في البحرين، والإصرار في مطالبة السلطات البحرينية بضمان تحقيق المساواة على صعيد المواطنة والحقوق لجميع المواطنين، وتحقيق بيئة مؤاتية للحوار، ووضع حد لجميع الانتهاكات، كما يفعل علماء الدين البحرينيين الشيعة أمثال الشيخ الصنقور والشيخ عيسى قاسم في العديد من خطبهم

This entry was posted in Uncategorised. Bookmark the permalink.