كلمة جواد فيروز رئيس سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان في المنتدى الحقوقي حول الإسقاط التعسفي للجنسية

السيدات والسادة، أيها الزملاء والأصدقاء الأعزاء،

يسعدني ويشرفني أن أتحدث أرحب بكم في هذا المنتدى الحقوقي عن تحديات حقوق الانسان الدولية حول الإسقاط التعسفي للجنسية، , وأود في البدء أن أتقدم بالترحيب الحار لزملائي المتحدثين والحضور الذين قدموا من مختلف المناطق.
معظمنا يحصل على الجنسية بصورة تلقائية، من حين ولادتنا، ننتمي إلى دولة أو اثنتين. هذا الإنتماء و بشكل كبير يمثل جزءاً مهما من هويتنا، ويمكننا من الحفاظ على حياتنا اليومية تحت حماية الدولة.

ولكن تخيل ماذا لو، وفي صباح أحد الأيام، استيقظت فجأة وانت عديم الجنسية! سلب جنسيتك يشكل ضربة قوية لحياتك، إذا فقدت جنسيتك، لا يمكن ببساطة أن تفعل أي شيء في روتين حياتك واعمالك اليوميه، وهي التي تستخدم (الجنسية- الهوية) لإنجاز الأمور الاعتيادية فقط ، فإذا فقدت جنسيتك، تفقد على الفور عملك، ولا يمكنك الحصول على الخدمات العامة، و لا يمكنك السفر، ولا التصويت في الإنتخابات، تصبح أوراقك الثبوتية غير صالحة، وهذا يعني وبشكل أساس أنك شخص غير مرئي في نظر القانون، فمن دون هوية والجنسية، لا يمكنك فتح حساب مصرفي، و لا شراء أو بيع أي من ممتلكاتك الخاصة و لا توثيق عقد الزواج! لا تشعر بالأمن، بل بدلاً من ذلك، يمكن اعتبارك مهاجر غير شرعي، وتعامل مثل مجرم في بلدك، ويمكن على الأرجح أن تجبر في نهاية المطاف لمغادرة بلادك التي ولدت فيها ونشأت وعشت حياتك كلها، وان تترك أحبائك وراءك!

آثار إلغاء الجنسية مدمّرة و خاصة للأطفال، حيث قد يولدون عديمي الجنسية أو ان يقعوا في مثل هذا الوضع في وقت لاحق، وذلك نتيجة لإلغاء الوضع القانوني لأحد الوالدين، فيصبحون محرومين من الحقوق الأساسية كالأمن، ويحرمون من الحصول على الرعاية الأساسية في الصحة والتعليم.
هذا هو بالضبط ما يمر به أكثر من 340 من البحرينيين في السنوات الاخيرة، ومنهم انا وعائلتي، فمعظم البحرينيين المسقطة جنسيتهم لم يتلقوا أي إشعار رسمي للقرار الحكومي عن سبب اسقاط جنسياتهم! بل اكتشفوا أنهم لم يعودوا مواطنين بحرينيين من وسائل الإعلام، بل ان البعض تفاجأ بذلك حيث كان مسافراً! او حين كان يقوم بالصيد لتأمين لقمة العيش، او في حين تجديد رخصة القيادة، و لم يحصل اي منهم على تفسير مع غياب للمحاكمة العادلة.

الموجة المكثفة من التدابير القمعية التي تقوم بها السلطات في البحرين ضد مواطنيها، تحت ذريعة الأمن القومي، أضرت بشدة بالكثير من البحرينيين، حيث يرحل قسرياً الزعماء السياسيين والدينيين والمعلمين والصحفيين والنشطاء وعائلاتهم وأصدقائهم مجبرين على مغادرة البلاد. تحت تهديد إلغاء المواطنة، البحرينيون يمنعون من ممارسة حقوقهم المشروعة في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات والتجمع، وحرية الدين والمعتقد.

بموجب القانون الدولي فإن جعل شخص عديم الجنسية هو أمر ممنوع ومحظور بوضوح، وتنص المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن “لكل فرد حق التمتع بجنسية ما” و “لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من جنسيته”، ومع ذلك، فإن إلغاء الجنسية لا يقتصر كقضية في بلد واحد، أو منطقة معينة، حيث سنناقش اليوم خلال هذ المنتدى، الإلغاء التعسفي للجنسية والتشريعات ذات الصلة. إلغاء الجنسية تمثل عملية مستمرة ليس فقط في البحرين ودول الخليج، ولكن في ميانمار وجمهورية الدومينيكان وكندا وخارجها، وغالباً يتبعه الإعتقال والإحتجاز والإستجواب، وتوجيه اتهامات جنائية، مما تسبب في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.

إلغاء الجنسية يؤثر بصورة عميقة في حياة ومعيشة المئات وآلالاف من الناس في جميع أنحاء العالم. ولكن هذا ليس الوقت المناسب لليأس، ولكن للعزيمة. لقد حان الوقت ان يقوم المجتمع الدولي بطرح ومناقشة هذه المسألة، وان يتعاون لمحاربة إلغاء الجنسية.
ايها السيدات والسادة،
المواطنة هي أبسط الحقوق الاساسية لكل الأفراد. فقدان الجنسية يعني الموت الاجتماعي، فلا ينبغي أن تكون منح الجنسية إمتياز أو مكافأة ولاء، و يجب ألا يستخدم الغائها كسلاح للإستهداف والقمع فالمواطنين فوق الحكومة، وليس العكس. إلغاء الجنسية من شأنه أن يعزز القوة والقدرة المطلقة والغير مسئولة والتعسفية للسلطة التنفيذية.

في الختام، أود أن أعرب باسم منظمة سلام للديمقراطية وحقوق عن امتناني لجميع المتحدثين على مساهماتهم اليوم، وللمنظمين المشاركينو هم منظمة العفو الدولية و منظمة هيومن رايتس ووتش، منظمة المادة 19، مركز الخليج لحقوق الإنسان، ومعهد انعدام الجنسية والإدماج.

أتمنى تكون مداولات المنتدى اليوم مثمرة ومنتجة للغاية.

شكرا على حسن استماعكم.
جواد فيروز
٢٠١٦/١٠/٣١

This entry was posted in Uncategorised. Bookmark the permalink.