“بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري“
منظمة سلام: البحرين ملزمة بمقاضاة المسؤولين عن جريمة الاختفاء القسري وجبر الضرر للضحايا
تمارس السلطات البحرينية جريمة الاختفاء القسري ضد معتقلي الرأي وعموم النشطاء بهدف بث الرعب في نفوس عوائل الضحايا وفي المجتمع في محاولة للقضاء التام على الحراك المجتمعي للمطالبة بالحقوق او معارضة السلطة.
تسمح السلطات للجهات الأمنية المسؤولة عن القبض الجنائي الحق في استخدامها لجريمة الاختفاء القسري بموجب قانون “حماية المجتمع من الاعمال الإرهابية” الصادر بمرسوم رقم(٦٨)لسنة ٢٠٠٦ الذي منح الصلاحيات التامة لجهاز الامن الوطني احتجاز المتهم أو أكثر لفترة ٢٨ يوم دون إذن من القضاء، وأعطى الصلاحيات لنيابة الجرائم الإرهابية أن تصدر أمر الحبس في هذه الجرائم من المحامي العام أو من يقوم مقامة لمدة ومدد متعاقبة لا يزيد مجموعها على ستة أشهر. هذا وقد سبق للسلطات أن استخدمت جريمة الاختفاء القسري لمدة تقارب السنة وتبين فيما بعد أن المختفين قسرياً هم رهن الاعتقال العسكري رغم انهم مدنيين. من أمثلة ذلك ما جرى ل “سيد علوي حسين و فاضل عباس و محمد المتغوي” الذين تعرضوا للاختفاء القسري لمدة تقارب العام، وتقدمت أسرة سيد علوي بشكاوى إلى “الأمانة العامة للتظلمات” و “وحدة التحقيق الخاصة” التابعين لوزارة الداخلية و مكتب المدعي العام، وفي 11سبتمبر2017 قدمت الأمانة العامة للتظلمات ردًا حول تقدم التحقيق قالت فيه ان علوي “نقلت المسؤولية عنه إلى سلطة أخرى خارج اختصاص ديوان المظالم”، و في 22 اكتوبر 2017 أعلنت وكالة الأنباء الرسمية أن علوي و ثلاثة اخرين كانوا رهن الاعتقال العسكري وأنهم يواجهون تهماً تتعلق بالإرهاب وتم محاكمتهم في القضاء العسكري تحت قانون الإرهاب وانتزعت اعترافاتهم تحت وطأة التعذيب الوحشي وتم الحكم عليهم بالإعدام، وفي اليوم التالي من تأييد محكمة التمييز العسكرية حكم الاعدام على المتهمين المذكورين قام الملك حمد بن عيسى الخليفة بتخفيف حكم الاعدام إلى السجن المؤبد.
لم تستمد السلطات الأمنية صلاحياتها من قانون “حماية المجتمع من الاعمال الإرهابية” المدان دولياً في إخفاء المعتقلين قسرياً فحسب بل حتى في كيفية الاعتقال حيث تتم على ايدي مجموعات مدنية ملثمة دون إبراز مذكرات قبض وترفض الكشف عن الجهة الأمنية التي ينتمون إليها. هذا الأسلوب في الاعتقال يتم بصورة منتظمة في مخالفة صريحة للمعايير الدولية لحقوق الانسان عند الضبط أو القبض أو تفتيش الأشخاص أو المنازل والأماكن الخاصة وضرورة التعامل مع الأشخاص بما يحفظ كرامتهم.
يتعرض المعتقلون المختفين قسرياً في البحرين للحرمان من وجود محامي أثناء التحقيق ولإنتزاع اعترافاتهم تحت التعذيب في ظل انتهاكات صارخة لمواد ذات الصلة من الإعلان العالمي لحقوق الانسان ومن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحمي حق الشخص في الحياة وحقة في الحرية والأمن وحقه في عدم التعرض للتعذيب وحقه في الاعتراف بشخصيته القانونية، وتجاهل تام لإتفاقية مناهضة التعذيب. عمدت الأجهزة الأمنية على العمل بإجراء في محاولة لتجاوز الوقوع في مخالفة جريمة الاختفاء القسري وهي إجبار المعتقلين الاتصال بعوائلهم لمدة ثواني معدودات و تكرار نفس الجملة وهي “أنا بخير” ويتم قطع الاتصال فوراً، وعند ذهاب عوائل الضحايا الى إدارة التحقيقات الجنائية الواقع في منطقة العدلية يتم نفي تواجد الضحايا لديهم وكذا الحال عند الذهاب الى مقر جهاز الامن الوطني وجميع مراكز الشرطة .
لم تصادق البحرين حتى الآن على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. وكانت من بين التوصيات ال ١٧٥ للاستعراض الدوري الشامل للبحرين لسنة ٢٠١٧ عدد من التوصيات حثت على ضرورة مصادقتها للاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري كما انها لم تصادق على البروتكول الاختياري لاتفاقية التعذيب أيضاً.
النيابة العامة لم تفتح تحقيق في أي من الإفادات وشكاوى عوائل الضحايا و شكاوى منظمات حقوق الإنسان حيال حالات الاختفاء القسري التي جرت. هذا وتم استخدام وحدة التحقيق الخاصة وهي هيئة تم تأسيسها بموجب قرار النائب العام رقم (٨) لسنة ٢٠١٢ مهمتها التحقيق في ادعاءات التعذيب والمعاملة اللاإنسانية ولكنها لم تحقق ولا مرة واحدة في حالات الاختفاء القسري.
السلطة القضائية في البحرين لم تحقق في أي من الشكاوي في حالات الاختفاء القسري، كما ان محاكم البحرين والقضاة لم تفتح ولا مرة واحدة تحقيق في مزاعم الضحايا اثناء المحاكمات وتقديم شكاويهم للقضاة حيال القبض الغير قانوني الذي حدث دون إبراز مذكرة توقيف وحيال جريمة الاختفاء القسري وما يصاحبها من حالات ضرب ومعاملة حاطه بالكرامة وانتزاع اعترافات تحت التعذيب، بل تعتبر السلطة القضائية حالات الاختفاء القسري مشروعة وفق قانون “حماية المجتمع من الاعمال الإرهابية” المدان من خبراء الأمم المتحدة والمخالف للدستور والقوانين البحرينية مثل مرسوم بقانون الإجراءات الجنائية رقم (46) لسنة 2002 المادة (61) على انه “لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانونا ، كما يجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ، ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا. ويواجه كل من يقبض عليه بأسباب القبض عليه ، ويكون له حق الاتصال بمن يرى من ذويه لإبلاغهم بما حدث والاستعانة بمحام”. هذا ويتم اصدار احكام جائرة في نهاية المطاف بينها احكام اعدام تم تنفيذ بعضها فعلاً واحكام السجن لمدد طويلة تصل للمؤبد واحكام إسقاط الجنسية.
سلام للديمقراطية وحقوق الانسان تبدي قلقها العميق جداً من عدد من التشريعات المحلية المخالفة للمواثيق والمعاهدات الحقوقية الدولية والتي تعطي الصلاحيات التامة للأجهزة الأمنية ممارسة جريمة الاختفاء القسري وللسلطة القضائية تكريس سياسة ثقافة الإفلات من العقاب و التجاهل التام لشكاوي الضحايا، كما لا يتم محاسبة الضباط والمحققين والمسؤولين الأمنيين عن ارتكاب جريمة الاختفاء القسري وما يصاحبها من تعذيب. هذا وقد وثقت منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان عدة حالات يصرح فيها المحققون للضحايا في مراكز التحقيق انه “لا أحد يستطيع انقاذكم” وان بإمكانهم قتل الضحايا ودفن الجثث او رميها في البحر وأنهم أعلى سلطة في البلاد وأن القضاء واقع تحت سيطرتهم التامة.
لذا و بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري تطالب منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الانسان السلطات البحرينية بالتالي:
1. تعديل التشريعات المحلية لتتوافق جوهريًا مع أحكام الاتفاقيات والمعاهدات الحقوقية الدولية التي صادقت عليها.
2. ضرورة الالتزام بتقديم التقارير الدورية إلى اللجان الحقوقية وخبراء الأمم المتحدة في مددها المحددة.
3. ضرورة الانضمام للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والالتزام بتقديم تقارير الى هيئة الخبراء المستقلين التي ترصد تنفيذ الدول الأطراف للاتفاقية.
4. تدوين جرم ارتكاب الاختفاء القسري كجريمة مستقلة موسعة النطاق واستبعادها من تطبيق قوانين العفو العام وجريمة لا تسقط بالتقادم.
5. اجراء تحقيق ومقاضاة للمسؤولين عن جريمة الاختفاء القسري في محاكم عادلة وضمان حصول الضحايا او ذويهم الحق في جبر الضرر.