أكتوبر 2024
(تقرير لدراسة تم إجراؤه في الفترة ما بين أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024)
تقدم حكومة البحرين نفسها كمثال للهدوء والحكم الرشيد؛ مشيرة بأنها تعافت من الاضطرابات الداخلية التي شهدتها عام 2011. إلا أن الواقع يشير إلى تكثيف الجهود لإسكات المعارضة في سياق إقليمي ضعفت فيه سيادة القانون. هناك خطر متزايد من أن يتحول الاستياء المتصاعد إلى أزمة داخلية متفاقمة. لكن لا يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد.
في 30 أكتوبر 2024، نشرت منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان نتائج دراسة تم إجراؤه في البحرين بين أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024. يمثل هذا التقرير بداية مبادرة تهدف إلى ضمان أن الانتخابات العامة المتوقع عقدها في البحرين في أواخر 2026 تفي بحق الناس في المشاركة في الشؤون العامة وأن تكون شاملة وتشاركية قدر الإمكان. تستند هذه المبادرة إلى فكرة أن الديمقراطية الشاملة والتشاركية هي المفتاح للحد من انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين.
تميزت ندوة تدشين التقرير عن الدراسة في 30 أكتوبر 2024 في إطار حلقة نقاشية مع جوي شيا، الباحثة في هيومن رايتس ووتش؛ والناشط السياسي والحقوقي البحريني، والأمين العام الأسبق لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد)، إبراهيم شريف؛ والبرلماني السابق عن كتلة الوفاق، علي الأسود؛ وسارة ليا ويتسون، المديرة التنفيذية لـ DAWN؛ وأستاذة علم الإجرام والعدالة الجنائية في جامعة شيناندواه في الولايات المتحدة، الدكتورة ستاسي ستروبل؛ والنائب السابق في المملكة المتحدة عن الحزب الوطني الاسكتلندي، مارتن داي، إلى جانب الباحث في منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان، الدكتور أندرو ماكنتوش.
في هذا الصدد قال جواد فيروز، مدير منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان:
“لقد أبلَغَنا المئات الذين شاركوا في هذه الدراسة في البحرين بوضوح أنه ما لم يمثلهم نوابهم المنتخبون بشكل حقيقي، وتستمع الحكومة إلى مطالبهم ومخاوفهم، فإنهم يخشون أن يؤدي التراجع المتزايد إلى زعزعة الهدوء المفروض من قبل الحكومة والمدعوم بالأمن. لا ينبغي أن يكون الحال هكذا. إن تعزيز الديمقراطية قبل انتخابات 2026، كما وصف أحد المشاركين، هو ’أمل قابل للتحقيق‘.”
تؤكد النتائج إلى أن شرعية ومتانة المؤسسات الحاكمة في البحرين تواجهان تزايد في التقييم العام والانتقاد. إن ممارسة الحكومة المستمرة لفرض الاستقرار الهش من خلال قوانين وممارسات تقمع حق التعبير وحرية التجمع والحق في تكوين جمعيات، تواجه خطر التفكك وعزل المجتمعات بشكل كامل. أعرب المشاركون في المبادرة عن قلقهم من عودة نمط الاضطرابات الدورية. وتظل الثقة العامة في مجلس النواب المنتخب وأداء حكومة البحرين على المحك في ظل استمرار عدم تلبية التوقعات الشعبية المتعلقة بالحكم. وتبدو أصوات النساء والشباب البحرينيين، على وجه الخصوص، غائبة عن الخطاب العام.
تشير الأدلة الشاملة، المتعمقة والمتعددة المصادر إلى أن اتخاذ تدابير ملموسة لفتح المجال المدني وتمكين المواطنين من المشاركة بشكل فعال في الشؤون العامة قبل انتخابات 2026 هو المفتاح للحد من انتهاكات حقوق الإنسان وضمان الاستقرار الاجتماعي وبناء مستقبل أكثر أمناً لجميع البحرينيين. وتشمل هذه التدابير اتخاذ خطوات حاسمة لإشراك من تم حظرهم سابقًا من المشاركة في العملية السياسية وإشراك من تم الإفراج عنهم من السجن، وحملة شفافة تقودها الدولة لإشراك جميع قطاعات المجتمع في النقاش المفتوح والمشاركة في الشؤون العامة.
وقد شمل البحث الذي أجرته منظمة سلام على:
- استبانة أجاب عليها 308 شخصًا. وقد حددت آراء الناس حول سلوك وسلطة مجلس النواب المنتخب؛ واستجابة الحكومة لمطالب الشعب وعموم واقع الديمقراطية في البلاد؛
- ثلاث مناقشات لحلقات حوارية موضوعية في البحرين، شارك فيها حوالي 150 شخصًا؛
- أربع جلسات أخرى لحلقات حوارية موضوعية عن بعد شارك فيها حوالي 200 شخصاً؛
- تنظيم ندوتين عامتين عن بعد حول القضايا المتعلقة بالبحث، شارك فيهما حوالي 1000 شخص في كل مرة؛
- تقييم منهجي لسلوك وعمل مجلس النواب وأعضائه، بما في ذلك تقييم التجمعات الشعبية المفتوحة التي يعقدها العديد من الشخصيات العامة بشكل روتيني، والتي تسمى المجالس؛
- تقييم منهجي لكيفية تعامل الحكومة مع المواطنين والتشريعات التي تم سنها؛ و
- تقييم روتيني وواسع النطاق لوسائل الإعلام المرخصة من الحكومة لتقييم التغطية الإخبارية لمجلس النواب وأعضائه وعملهم؛ والتعبير عن مخاوف الناس.
في حين شملت النتائج طيفاً من الآراء، أبلغ مئات البحرينيين من مختلف أنحاء البلاد، والمكونات الاجتماعية والمهنية والفئات العمرية المختلفة فريق البحث بأن لا الحكومة ولا مجلس النواب وأعضائه يستمعون إليهم أو يعكسون مخاوفهم بشأن قضايا مثل مستويات المعيشة وفرص العمل ومستويات الأجور والإسكان أو الوصول إلى الخدمات الاجتماعية. في هذا السياق، تعكس النتائج تلاقي الشعور بالإحباط والاغتراب وعدم الرضا عبر مختلف االمكونات الاجتماعية، مما يستدعي، بل ويتطلب انتباه الحكومة. أظهرت نتائج الاستبانة، التي شارك فيها 308 مستجيباً، أن 76% من المشاركين يعتقدون أن المجلس الوطني – بغرفتيه في البرلمان – والسلطة التنفيذية في حكومة البحرين لا يعملان معاً لتلبية احتياجات المواطنين. وأفاد 84.6% بأنهم لا يثقون في قدرة مجلس النواب المنتخب على مساءلة السلطة التنفيذية، فيما أبدى 74% شكلاً من أشكال عدم الرضا تجاه تواصل أعضاء مجلس النواب مع المشاركين في الاستطلاع كناخبين ومواطنين، بينما أشار 86.3% إلى أن أعضاء مجلس النواب لا يمثلون مصالحهم.
لم تتمكن منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان من العثور على أي حالة تشير إلى أن الحكومة – مجلس الوزراء – قد استشارت الجمهور صراحةً فيما يتعلق بتطوير التشريعات أو الجوانب الأخرى من إدارتها. وتشير الأدلة إلى أن أسلوب الحكم يتسم بعدم التوازن ويُدار من أعلى إلى أسفل حيث يثني مجلس الوزراء ويمتثل للتوجيهات الملكية، مما يطغى على التشريعات التي تطورها “أصوات الشعب” في مجلس النواب.
استنتجت نتائج البحث المتعلقة بمجلس النواب إلى أن هذه المؤسسة ضعيفة قانونياً ومجزأة. هي غير قادرة على مساءلة السلطة التنفيذية. وبينما يعتبر المجلس قائماً بوظائفه، فإن أعضاءه منقسمون، عديمو الخبرة، وفي بعض الأحيان غير مدركين لواجباتهم أو سلطاتهم. لم يكن الأعضاء راغبين أو قادرين على انتقاد السلطة التنفيذية واستخدام آليات المساءلة المحدودة المتاحة لهم. وقد اتخذوا دورًا استشاريًا للحكومة بدلاً من سن تشريعات مستقلة وتفعيل دورهم الرقابي. وتزيد قوانين “العزل السياسي” لعام 2018 التي تحظر مشاركة الجمعيات السياسية المنحلة وتمنع أعضائها من الترشح للانتخابات أو حتى التصويت من تقويض شرعية مجلس النواب في نظر العامة. كما كان تفاعل أعضاء المجلس ضعيفًا مع الناخبين، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية، ولم يعكسوا بشكل جيد مخاوف المواطنين في المجلس. أظهر المواطنون أيضًا سوء فهم لدور المجلس، ووجدت النتائج انتشاراً للتشاؤم بين الناخبين حول المجلس المنتخب. بالرغم من ذلك، خلال فترة البحث، بدأ أعضاء المجلس بالتفاعل بشكل متزايد مع الناخبين، وبدأت وسائل الإعلام المرخصة من الحكومة بنشر مقالات تُحاسب المجلس حيث برز خطاب عام حول المساءلة.
اعتباراً من عام 2025، ستتواصل منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان مع حكومة البحرين لعرض مزايا الإصلاح الديمقراطي، وستجادل بأن ضمان مشاركة المواطنين في الحياة العامة يمكن أن يقلل من طيف واسع من انتهاكات حقوق الإنسان. وستناشد شركاء البحرين الدوليين لإقناع السلطات بأن الإصلاح الديمقراطي سيعزز أمن جميع البحرينيين ويقلل من المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان. تسعى منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان إلى تحقيق تغييرات ملموسة قبل الانتخابات العامة المقررة في أواخر 2026.
علماً ان البحرين دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR). تضمن المادة 25 من العهد حق المواطنين في المشاركة في الشؤون العامة، والتصويت، والحصول على الخدمات العامة.