الشيخ علي سلمان وعقدٌ من الزمن خلف القضبان

مقال بقلم: د. ريما شعلان*

اليوم تحل الذكرى العاشرة لإعتقال الشيخ علي سلمان، عشر سنوات مضت على غياب صوت لطالما صدح بالحرية والكرامة. يقف شامخًا خلف القضبان، أسيرًا لا لضعفه، بل لقوة كلمته وإيمانه بمبادئه. عقدٌ من الاعتقال لم يُطفئ وهج قضيته، بل زادها إشعاعًا في قلوب الأحرار.

اعتُقل الشيخ علي سلمان، أمين عام أكبر جمعية سياسية معارضة في البحرين، في 28 ديسمبر 2014، بتهم تتعلق بحرية الرأي والتعبير. وبعد محاكمة افتقرت إلى معايير العدالة، صدر بحقه حكم بالسجن أربع سنوات. وقبل انتهاء تلك العقوبة، وُجهت له تهم جديدة “بالتخابر مع قطر”، بالتزامن مع إعلان البحرين في يونيو 2017 قطع العلاقات مع قطر، ما أدى إلى تعطيل خروجه من السجن وبدء محاكمة جديدة انتهت بحكم نهائي في 28 يناير 2019 بالسجن المؤبد.

تستند الإدانة إلى مكالمة هاتفية استقبلها الشيخ علي سلمان من وزير الخارجية القطري آنذاك، ضمن مساعٍ دبلوماسية لحل الأزمة التي اندلعت في البحرين عام 2011، وكانت العلاقات حينها بين البحرين وقطر في أفضل حال.

ومع ذلك، فإن المكالمة التي استند إليها الحكم تم تقديمها بشكل مجتزأ ومقتطع، مما شابها التلاعب والتأويل. بالإضافة إلى ذلك، تم الإخلال بحق الشيخ علي سلمان في تقديم دفاعه الكامل، الأمر الذي يشكل انتهاكًا صارخًا لمعايير المحاكمة العادلة.

وعلى الرغم من المصالحة الخليجية مع قطر عام 2021 وعودة العلاقات بين البلدين، لا يزال الشيخ علي سلمان يقضي عقوبة السجن المؤبد، ما يعزز الاعتقاد بأن دوافع اعتقاله سياسية بحتة.

الشيخ علي سلمان وجميع معتقلي الرأي يجب أن ينالوا حريتهم، لأنهم ليسوا مذنبين. الشيخ علي هو رجل الفكر المستنير، وصوت العقل الداعي للسلمية والحوار كطريق وحيد للحلول. لم يحظَ بهذا الدعم الدولي والمطالبة المتكررة بحريته من المنظمات الحقوقية إلا لأنه صادقا في الدفاع عن العدالة والكرامة.

رغم مرور عقد كامل على اعتقاله، بقي قلب الشيخ علي سلمان عامرًا بالمحبة، بعيدًا عن الكراهية. قضبان السجن التي أحاطت بجسده لم تنل من نقاء روحه، ولم تطفئ نور حكمته وإيمانه. ما زال يمد يده للإصلاح، مؤمنًا أن الأوطان تُبنى بالتسامح، وأن الظلم، مهما طال، لا يمكن أن ينتصر على إرادة الخير.

إننا ندعو بإيمان راسخ إلى الإفراج عنه، فهو رمزٌ يحتاجه وطنه، مكانه بين شعبه، يرشدهم بحكمته ويضيء لهم دروب الإصلاح نحو مستقبلٍ أفضل.

الشيخ علي سلمان ليس فقط شريك حياتي، بل هو قدوتي ورمزي في الكرامة والعدالة. هذه السنوات لم تزرع في داخلي اليأس أو السأم، بل زادتني اعتزازًا به وإيمانًا بسمو قضيته. أتوق إلى اليوم الذي تنكسر فيه قيوده ليعود حرًا. غيابه قيدٌ لنا جميعًا، وحريته أملٌ نتمسك به، فهو رجل يحمل في قلبه محبةً لا تنضب وخيرًا يتدفق على الجميع.

* د. ريما شعلان: زوجة الشيخ علي سلمان، محامية بحرينية ودكتوراة في القانون