تعمل منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان على متابعة ملف الأطفال المعتقلين بشكل متواصل، وفي آخر تحديث لها على هذا الملف ومع نهاية العام الحالي ٢٠٢٤، تم توثيق ١٤ حالة اعتقال لأطفال دون سن ١٨ من أصل ٣٨ طفلاً موقوفاً في سجن الحوض الجاف، جميعهم تم اعتقالهم دون إبراز مذكرات توقيف. بالإضافة لطفل واحد محكوم على خلفية قضايا سياسية، وتراوحت أعمار هؤلاء الأطفال بين ١٥ و ١٧ عاماً .
اختلفت ظروف الاعتقال، لكنها اجتمعت على غياب الإجراءات القانونية، مثل عدم إبراز مذكرة توقيف، بالإضافة إلى تعرض بعض الأطفال للتعذيب النفسي والجسدي لانتزاع اعترافات على تهم كيدية وحرمانهم من الاستعانة بالمشورة القانونية وعدم حضور محامً خاص بهم اثناء الاستجواب والتحقيق.
انتهاكات مستمرة يعاني منها المعتقلين الأطفال
خلال الفترة الممتدة من نهاية سبتمبر وحتى ديسمبر الحالي، أفاد السجناء الأطفال بتعرضهم لانتهاكات متعددة، أبرزها:
أفاد السجناء الأطفال عن تعرضهم لحرمان ممنهج من ممارسة حقهم في إحياء الشعائر الدينية، وخاصة خلال المناسبات الدينية المهمة. وعلى الرغم من تقدمهم بطلبات رسمية للسماح لهم بإقامة هذه الشعائر، فإن هذه الطلبات غالباً ما تُقابل بالرفض من قبل إدارة السجن دون مبررات واضحة.
وفي حال قرر السجناء إحياء هذه الشعائر بشكل فردي أو جماعي بالرغم من الرفض، يتم معاقبتهم بشكل صارم، مما يشكل انتهاكاً لحقوقهم الأساسية المكفولة بموجب القوانين الدولية والإنسانية. قد تشمل هذه العقوبات العزل الانفرادي أو الحرمان من التواصل مع ذويهم أو حتى التضييق عليهم في الاحتياجات الأساسية.
يُعتبر هذا التضييق على الحرية الدينية انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية التي يجب أن تُصان في جميع الظروف، حتى داخل السجون.
تستمر إدارة السجن بحرمان السجناء الأطفال من زيارات عائلاتهم.
على الرغم من أن الحرمان من زيارات العائلات كان يُبرر في البداية بجائحة كورونا كإجراء احترازي، إلا أن هذا التبرير أصبح غير مقنع مع مرور الوقت، خصوصًا بعد انحسار تأثير الجائحة وعودة الحياة إلى طبيعتها في العديد من المؤسسات.
حاليًا، تستمر إدارة السجن في منع الزيارات بذريعة صيانة مبنى الزيارات، وهي حجة تفتقر إلى المصداقية مع استمرار هذا الوضع لفترة طويلة دون توفير بدائل مثل تسهيل المكالمات المرئية أو تنظيم زيارات مؤقتة بطرق أخرى.
هذا الحرمان المطوّل يُعتبر انتهاكًا واضحًا لحق الأطفال السجناء في التواصل مع أسرهم، وهو حق جوهري يدعمه القانون الدولي واتفاقية حقوق الطفل. كما أن هذه القيود تؤثر بشكل سلبي على الحالة النفسية للأطفال وأسرهم، وتزيد من معاناتهم الاجتماعية والإنسانية.
اشتكى السجناء الأطفال من منع إدارة السجن إدخال الملابس الجديدة والنظيفة لهم، وهو ما أدى إلى اضطرارهم لاستخدام ملابس قديمة ومتهالكة لفترات طويلة. هذا الوضع أدى إلى ظهور حالات من الأمراض الجلدية بين السجناء نتيجة تعرضهم المستمر للملابس غير النظيفة وغير الملائمة صحياً.
لا يمثل الحرمان من الملابس النظيفة انتهاكاً للحقوق الأساسية للسجناءفقط، بل يعكس إهمالاً صارخاً تجاه ظروفهم الصحية. ومع غياب الاستجابة لهذه الشكاوى، تستمر معاناة السجناء، مما يزيد من تفاقم الأوضاع داخل السجن ويعرض صحتهم للخطر.
تحرم إدارة السجن الموقوفين الأطفال من الانتظام في الدراسة، رغم أن بعضهم في عامهم الدراسي الأخير. هذا الحرمان يشكل انتهاكاً خطيراً للحقوق الإنسانية ويهدد مستقبلهم الأكاديمي .
يشمل هذا العقاب الحرمان من الاتصال بالعائلة.
أفاد السجناء الأطفال بتعرضهم بشكل متكرر للعقاب الجماعي والحبس الانفرادي كوسيلة لتأديبهم أو ردعهم، وهو ما يشكل انتهاكاً خطيراً لحقوقهم الإنسانية والقانونية. تشمل هذه العقوبات حرمانهم من الاتصال بعائلاتهم، مما يزيد من عزلتهم النفسية ويؤثر سلباً على حالتهم العاطفية.
الحبس الانفرادي، الذي يُفرض كإجراء عقابي، يُعتبر أحد أقسى أشكال العقاب، خاصة عندما يُمارس ضد الأطفال. فهو يعزلهم تماماً عن العالم الخارجي، مما يعرضهم لضغوط نفسية شديدة قد تؤدي إلى أضرار طويلة الأمد على صحتهم العقلية.
أفاد السجناء الأطفال من حرمانهم المتعمد من الرعاية الصحية والعلاج اللازم، مما يعرضهم لمضاعفات صحية خطيرة. في كثير من الحالات، يتم تجاهل الحالات الطبية الطارئة أو المستمرة للأطفال السجناء، ولا يتم توفير العلاج المناسب لهم، مما يزيد من معاناتهم.
يعاني السجناء الأطفال من استخدام أدوات قديمة وغير ملائمة مثل الأسرة والبطانيات والمواسد التي لا توفر لهم الراحة الأساسية. هذه الأدوات مغلفة بالجلد مما يجعلها غير مريحة للغاية: في فصل الشتاء تصبح شديدة البرودة، وفي الصيف تصبح حارة للغاية، مما يساهم في معاناتهم الجسدية ويؤثر على نومهم وصحتهم العامة.
أفاد السجناء الأطفال من تناول وجبات غذائية رديئة تفتقر إلى القيمة الغذائية اللازمة لصحتهم ونموهم السليم. وغلباً ما تكون هذه الوجبات غير متوازنة، وغير مستساغة، و تحتوي على مكونات منخفضة الجودة ولا تلبي احتياجاتهم الأساسي.
أفاد السجناء الأطفال من غياب البرامج الترفيهية التي تساعدهم على التخفيف من الضغوط النفسية والاجتماعية الناتجة عن حياتهم في السجن. كما يُحرمون من الفرص التي تتيح لهم تنمية مهاراتهم الشخصية والفكرية، وهو ما يجعلهم يواجهون فترات طويلة من الفراغ بدون أنشطة هادفة تشغل وقتهم.
الاستعداد لزيارة فريق الصليب الأحمر بتاريخ 25نوفمبر
أفاد السجناء الأطفال بأن زيارة فريق الصليب الأحمر الدولي كشفت عن معايير مختلفة تمامًا عما كانوا يعايشونه قبل الزيارة. فقد تم توفير بعض الحقوق الأساسية التي كانوا يفتقرون إليها سابقًا، حيث كانت مطالباتهم تُرفض باستمرار. ومع اقتراب موعد زيارة الفريق، تم تحسين الظروف بشكل مؤقت، حيث تم تنظيف الزنازين وتجهيزها بشكل يتماشى مع المعايير الإنسانية الأساسية، وتوفير البطانيات الجديدة للسجناء الصغار.
زيارة فريق الصليب الأحمر الدولي بتاريخ 26نوفمبر
زار فريق الصليب الأحمر الدولي السجن والتقى بالسجناء الصغار، لكن الانتهاكات الموثقة تشير إلى ضرورة متابعة هذه القضايا والضغط لتحسين أوضاعهم وضمان احترام حقوقهم الأساسية.
و بعد مغادرة الفريق، تم سحب البطانيات الجديدة التي تم توزيعها على السجناء الأطفال مما يعكس استمرار السياسات القمعية والإجراءات غير الإنسانية. هذا التلاعب بالظروف يظهر بوضوح أن التحسينات كانت مؤقتة فقط، تم تنفيذها لغرض الاستعراض أمام فريق الصليب الأحمر، دون التزام بتحسين الأوضاع على المدى الطويل.
إن تعرض الأطفال للاعتقال والعنف يحرمهم من حقهم الطبيعي في النمو السليم والتعليم، ويؤدي إلى تداعيات نفسية واجتماعية طويلة الأمد، من هنا:
توصي منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان بالتالي: